أجمع المؤرخون على أن المصريين والنوبيين من أصل واحد مدللين على صحة قولهم هذا بأن كلا الشعبين ينتسب إلى الجنس الحامي فضلاً عن تشابه لون بشرتهم. والواقع أن سكان مصر العليا والنوبة حتى الآن متشابهان، وأما الوجه البحري فنظراً لأن حدود مصر من جهة القنطرة سهلة الغزو فكان عرضة للغارات الخارجية ولذا سار منها الغازون أمثال الرعاة والاسكندر وقمبيز وغيرهم؛ ومن ثم تأثر الوجه البحري بدم هؤلاء الغزاة فتغير كثيراً عن مصر العليا. وهناك عامل آخر أثر في جنسية سكان شمالي مصر وبشرتهم نوعاً ما، ذلك أنه رحل إلى شمالي أفريقيا قبل بناء الأهرام بعض الأوربيين، وهؤلاء المهاجرون انتشروا في شمالي أفريقيا حتى جزائر كناريا. وقد وجدت ابنة لخوفو شرق الهرم الأكبر من الجنس الأبيض ذي الشعر الأشقر وتعليل ذلك أن خوفو تزوج واحدة من هؤلاء البيض، كما أنه وجد في العوينات رسوم لفريقين من المتحاربين السمر والبيض
وقد حدث في عهد الأسرة العشرين حادث ذو بال: ذلك أنه في عهد هذه الأسرة قل دخل الحكومة لفقد مصر كثيراً من البلاد الآسيوية فنقص ما كان يتقاضاه كهنة آمون في عهد الأسرة الثامنة عشرة والتاسعة عشرة فضلاً عن ضعف الملوك، فدعا ذلك إلى ازدياد سلطة هؤلاء الكهنة حتى تمكن أحد رؤسائهم المسمى (حرحور) من اغتصاب العرش وأسس الأسرة الحادية والعشرين، ولكن المصريين اعتبروا كهنة آمون مغتصبين للملك فصار عهدهم فوضى ولم يستطيعوا حفظ سلطانهم ولا القيام بما تتطلبه عظمة آمون من النفقات؛ ورأوا أن معبودهم يعبد في (نبتة) عاصمة النوبة في ذلك الوقت وأن له المقام الأول بين آلهة النوبيين فلهذا اختاروا (نبتة) لتكون قبلتهم في هجرتهم فهاجروا إليها من طيبة بعد أن حكموا بها ١٢١ سنة من ١١٠٠ - ٩٧٩ قبل الميلاد.
وقد رحب بمقدمهم النوبيون نظراً لأن المدنية التي نشرها المصريون في النوبة كانت لا تزال قوية الدعائم، وكان هؤلاء الكهنة على جانب كبير من العلم فساعدهم هذا على أن يكونوا رؤساء كهنة آمون في نبتة وتدخلوا في السلطة الزمنية كما سبق أن تدخلوا في مصلا وتزاوجوا مع النوبيين.
وفي عهد الأسرة ٢٣ تزوج أمير نوبي يسمى (كاشتا) أميرة مصرية، ثم خلفه على ملك النوبة ابنه (بعنخي) وهنا يجب علينا أن نشير إلى ما لهذا التزاوج من أهمية إذ لو كان