على ترقيتها وتطبيقها باذلين الجهد في تحسينها وإنمائها حتى سلموها للعصور الحديثة. . .) وقال الدكتور سارطون في إحدى محاضراته في جامعة بيروت الأميركية:(إن بعض الأوروبيين يحاولون أن ينتقصوا من قدر العرب العلمي في القرون الوسطى، وذلك بقولهم إن العرب لم يكونوا غير نقلة للعلوم ولم يزيدوا عليه شيئاً. . . هذا خطأ. . . وإذا افترضنا أن العرب لم يكونوا غير نقلة أليس في عملهم هذا خدمة كبيرة للعالم؟ فلولا نقلهم لما تقدمت العلوم تقدمها الحاضر ولكنا حتى الآن في قرون وسطى. . .)
ويعتقد الدكتور سارطون بأن نقل العرب لم يكن ميكانيكياً بل على الضد فليه روح وحياة
هذا من جهة الذين يعيبون على العرب نقلهم عن الغير، أما الذين يقولون بان العرب فضلوا ثقافة على أخرى فمخطئون، وسنحاول تبيان رأينا بإيجاز
اختلفت أقوال علماء الغرب في أي الثقافات فضل العرب فقال كاجوري إن الكرخي وأبا الجود والخيامي فضلوا الطريقة اليونانية على الهندية في استعمال الأرقام، وقال كانتور بوجود مذهبين مختلفين (في زمن البوزجاني) أحدهما يتبع الثقافة الهندية والآخر اليونانية، وقال أحد علماء الغرب بأن العرب تأثروا بالثقافة اليونانية وفضلوها على غيرها، وقال آخرون مثل ذلك في الهندية
والحقيقة أنه لم يكن موجوداً أي تفضيل، فقد كان علماء العرب في العصر العباسي يترجمون ما يقع تحت أيديهم من المخطوطات هندية كانت أو يونانية، فالبيروني ذهب إلى الهند وساح فيها بقصد البحث والاستقصاء والتنقيب، وكذلك محمد بن موسى بن شاكر ذهب إلى اليونان ابتغاء الحصول على مخطوطات ورسائل، وهناك من العلماء العرب من أوجدتهم ظروفهم إلى أن سيتقوا من ثقافتين أو أكثر وقد مزجوا ما استقوا وكونوا من ذلك ثقافة خاصة. وعلى هذا فلم يكن هناك فكرة تفضيل إحدى الثقافات على غيرها بل جمع العرب الثقافات المختلفة التي نهلوا منها وخرجوا من هذا الجمع بثقافة تميزهم على غيرهم من الأمم. وقد لاحظ الدكتور سارطون كل هذا فقال:(والعرب لم يقتصروا على علوم اليونان فحسب، بل أخذوا عن الهنود، وفي كثير من الحالات جمعوا بين الثقافتين الهندية واليونانية. . .) وسبق الجاحظ الدكتور سارطون فيما قال، فنجد في كتاب الحيوان ما يلي: (وقد نقلت كتب الهند وترجمت حكم اليونان، وحولت آداب الفرس فبعضها ازداد حسناً