للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وبعضها ما انتقص شيئاً. . .)

يتبين مما مر أن العرب لم يفضلوا ثقافة على أخرى، ولم يأخذوا بإحدى الثقافات ويتركوا البواقي، إنما هم طلاب علم راحوا يبحثون عنه في الكتب والمخطوطات والرسائل القديمة من يونانية وهندية وفارسية وحبشية وسريانية وعبرية وغيرها، فنقلوا ما عثروا عليه إلى لسانهم وهو معظم ما كان معروفاً من العلم والفلسفة عند سائر الأمم المتمدنة، وكان أكثر نقلهم عن اليونانية والفارسية والهندية؛ وقد يكون النقل عن اليونانية أكثر من غيره ولكن هذا لا يعني أن العرب فضلوا ثقافة على غيرها. وعلى فرض أنهم تأثروا بالثقافة الإغريقية، فهل هذا يعني أن نية علمائنا الأقدمين تفضيلها على غيرها. وعلى كل حال فالقول بأن العرب فضلوا ثقافة على أخرى أو القول بوجود مذهبين مختلفين أحدهما يتبع الطريقة اليونانية والآخر الهندية قول خطأ لا يجب أن يؤبه له وهو من خيالات المستشرقين، إذ لا يوجد من الأدلة ما يحققه بل على العكس لدينا شواهد عديدة تجعلنا نميل إلى أن العرب لم يخطر ببالهم تفضيل ثقافة على أخرى كما تجعلنا نميل أيضاً إلى القول بعدم وجود مذهبين مختلفين أو مذاهب مختلفة، وبأن المآثر العربية في العلم والفن تأثرت بعناصر الثقافات المتعددة التي ساعدت على إيجاد ثقافة عربية لها مميزاتها وخصائصها الممتازة.

(نابلس)

قدري حافظ طوقان

<<  <  ج:
ص:  >  >>