يكون به الحياة. والنفس ريح حلوة تكون منها الحركات المذمومة والشهوات). ويعمد المؤلف بعد هذا كله إلى الموازنة بين الروح والنفس بحيث يبين لنا من خلال بعض الأقوال، الأخلاق والصفات التي تصدر عن كل من الروح والنفس. فقد قيل أن النفس لطيفة مودعة في القلب منها الأخلاق والصفات المذمومة. على حين أن الروح لطيفة مودعة في القلب منها الأخلاق والصفات المحمودة. ومثل النفس والروح فيما يصدر عن الأولى من أخلاق وصفات مذمومة وما يصدر عن الثانية من أخلاق وصفات محمودة كمثل الحواس في أن العين للبصر والإذن للسمع. الخ. وترجع أخلاق النفس وصفاتها جميعا إلى أصلين، أحدهما الطيش والآخر الشره. وقد نشأ طيش النفس من جهلها ونشأ شرهها من حرصها. ومثل النفس في طيشها كمثل كرة مستديرة على مكان أملس لا تكاد تستقر أو تثبت ولكنها على العكس دائمة الاضطراب والحركة. ومثلها في شرهها كمثل الفراش الذي يساور المصباح فلا يقنع منه بالضوء اليسير ولكنه يلقي بنفسه عليه ليغمره ضوء هذا المصباح حيث يلقي حتفه. ومن الطيش نشأت العجلة وقلة الصبر. ومن الشره نشأ الحرص والطمع وهما هذان الخلقان اللذان ظهرا في آدم حين طمع في الخلود فحرص على أكل الشجرة. وأنت إذا أنعمت النظر فيما يذكر مؤلف عوارف المعارف عن الشره واتخاذه أصلا من الأصلين اللذين تصدر عنهما أخلاق النفس رأيت أن في كلامه تناقضا. وبعبارة أخرى دورا كما يقول المناطقة. فهو يقول أن شره النفس ناشئ من حرصها ثم يعود بعد هذا فيقول أن الحرص والطمع خلقانينشآن عن الشره. وإذن فالشره في بادئ الأمر نتيجة للحرص، ثم هو في آخره مبدأ له. وعلى هذا يكون الدور ظاهر. ومهما يكن من شئ فان النفس على كل حال مصدر للأخلاق المذمومة. فمن عرف أصولها وطبيعتها، وتبين أخلاقها وجبلتها، عرف أن لا قدرة له على كبح جماحها ومغالبة أهوائها وشهواتها إلا بالاستعانة في ذلك كله بباريها وفاطرها.
ولا يتحقق العبد بالإنسانية، إلا إذا دبر في نفسه دواعي الحيوانية وذلك بالعلم والعدل وبمراعاة طرفي الإفراط والتفريط، فبهذا تقوى إنسانيته وتنقى نفسيته ويدرك من نفسه صفات الأخلاق المذمومة بحيث ينتهي إلى كمال إنسانيته.
تعال ولنمض الآن إلى أوصاف النفس. فقد ذكر مؤلفنا أن الله وصف النفس في كتابه