للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الملكي، واستولى الفزع على أحدهم وهو ميخايلوف فانسل واختفى في آخر لحظة، وبقي الثلاثة الآخرون يرقبون الإنذار الأخير

وذهب القيصر إلى ميدان الاستعراض نحو الظهر. ولما انتهى الاستعراض ذهب إلى قصر ميخايلوفسكي القريب حيث تناول طعام الغداء مع الجراندوقة كاترين ميخايلوفنا؛ وفي الساعة الثانية وبضع دقائق انتظم الركب الملكي للعودة، وأمر القيصر سائق مركبته أن يعود إلى قصر الشتاء من نفس الطريق. وكان يحرس العربة الملكية ستة من الفرسان القوازق وتتبعها عربة أخرى يقف فيها مدير البوليس، ثم ثالثة بها ضابط الحاشية. وسار الركب مسرعاً في شارع انجنرنايا، مجتنباً بذلك شارع مالياسادوفيا (الذي وضع به اللغم) ثم اتجه يميناً إلى جسر قناة القديسة كاترين؛ وكان المكان قفراً ليس فيه غير رجال الشرطة والمخبرين الذين ينتشرون على طول الطريق وسوى قليل من المارة.

بيد أن الركب ما كاد يقترب من جسر القناة حتى دوي انفجار هائل وانعقدت فوق الموكب سحابة من الدخان الكثيف، وكانت هذه قنبلة ريساكوف انفجرت وراء العربة فأتلفت مؤخرتها؛ وفي الحال أوقف السائق العربة ونزل القيصر منها سالماً وكان قد سقط على مقربة منها قوزاقي وثلاثة من الشرطة وغلام من المارة مصابين بجراح بالغة. وقاد رجال الشرطة صوب القيصر فتى عريض المحيا غائر العينين هو ريساكوف، فسأل القيصر: أهو الفاعل؟ وفي تلك اللحظة سأل أحد كبار الضباط: (هل جرح صاحب الجلالة؟) فأجاب القيصر: (شكراً لله فإني سليم معافى) وهنا قال ريساكوف: (لا تعجل بشكر الله) وسار القيصر ومن حوله الحاشية إلى مكان الانفجار ليرى الجرحى ولكنه ما كاد يسير بضع خطوات حتى دوى انفجار آخر وانكشف الغبار والدخان عن منظر مروع:

سقط القيصر صريعاً وقد كسر ساقاه، وبقر بطنه، واحترق وجهه، ومن حوله عدة من الجرحى. وفي الحال حمل القيصر مضرجاً بدمائه إلى قصر الشتاء، ولكنه زهق بعد ذلك بقليل دون أن يعود إلى رشاده أو يفوه ببنت شفة.

وعثر رجال البوليس بين الجرحى على الفتى الذي ألقى القنبلة الثانية، وكان في دور النزع وتوفي بعد ساعات قلائل دون أن يبوح باسمه للمحقق. ولكن البوليس وقف على اسمه بعد ذلك وقد كان أجناتوس جرنفتسكي الثوري البولوني واحد الفدائيين الأربعة. أما

<<  <  ج:
ص:  >  >>