(إن المأساة الدموية التي وقعت على جسر ترعة سانت كاترين لم تكن حادثاً غامضاً غير متوقع، بل كانت بعد كل ما حدث في الأعوام العشرة الأخيرة قضاء محتوماً، وهذا ما يجب أن يفهمه الرجل الذي ألقي إليه القدر مقاليد الحكم. ولقد نمت الحركة الثورية واشتد ساعدها بالرغم مما اتخذ من إجراءات القمع الذريع، وبالرغم من أن حكومة القيصر الراحل قد ضحت حريات كل الطبقات ومصالحها ولم تدخر وسعاً في إزهاق المجرم والبريء وفي تعمير السجون النائية بالمعتقلين. ولقد شنق عشرات ممن يسمونهم بالمحرضين فماتوا في هدوء الشهداء. ولم تقف الحركة الثورية بل استمرت قوتها في ازدياد. أجل يا مولاي إن الحركة الثورية لا تتوقف على إرادة الفرد، بل هي عملية تقوم بها الأداة القومية ولن تنجح المشانق التي تقام لصفوة قادة هذه الحركة في إنقاذ النظام السياسي المحكوم عليه، كما أن صلب المسيح لم ينجح في إنقاذ العالم القديم الفاسد من ظفر النصرانية المصلحة
(ونحن أول من يعرف كم يحزن ويؤسي أن تبدد هذه المواهب والعزائم كلها في أعمال التخريب، فهذه القوى يمكن في ظروف أخرى أن تستخدم في عمل الإنتاج: في تربية الشعب وفي تثقيفه، وفي زيادة رفاهته وتحسين نظمه؛ فلماذا إذن نلجأ إلى خوض هذا النضال الدموي؟
(لأنه لا توجد لدينا يا مولاي حكومة بمعنى الكلمة، وواجب الحكومة هو أن تعبر عن أماني الشعب وأن تمثل إرادته، ولكن الحكومة عندنا قد انحطت إلى عصابة قصر، وغدت أحق من اللجنة التنفيذية بأن توصف بعصابة من الغاصبين)
وتستعرض اللجنة بعد ذلك مثالب الحكم القيصري وإمعانه في استعباد الشعب وتسخيره، وما جلبته هذه السياسة على روسيا من الخراب والبؤس وما ترتب عليها من فقدان الحكومة لكل نفوذ معنوي. وهذا هو السبب في اضطرام الحركة الثورية، بل هذا هو السبب في ابتهاج الشعب لإزهاق القيصر ثم تقول:
(ولا مخرج لهذه الحالة سوى أمرين: فأما الثورة المحتومة التي لا يمكن أن يمنعها أي قمع، وإما التوجه إلى سلطة الأمة العليا. وإن اللجنة التنفيذية لتنصح إلي جلالتك باتباع الطريق الثاني، ففي ذلك خير أمتنا وبه تجتنب المصائب المروعة التي تحملها الثورات. وثق بأنه متى عدلت السلطة العليا عن اتباع الهوى وقررت أن تستلهم في عملها برغبات الأمة ففي