للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ريساكوف لا تنهض دليلاً على اشتراكه. وأن ريساكوف لم يكن متزناً ولا متفقاً في أقواله. ودافع الأستاذ جركي عن جسيا هلفمان وبين أنها لم تقم قط بأي دور إيجابي في هذه المحاولات الإجرامية، وأن كل ما قامت به هو أنها كانت تؤجر المكان الذي أعتاد المهتمون أن يعقدوا فيه اجتماعاتهم. ودافع الأستاذ حيراردي عن كبالتشش وشرح للمحكمة العوامل والظروف القاسية التي دفعته إلى سبيل الإجرام.

وتولى الأستاذ كدرين الدفاع عن صوفيا بيروفسكايا؛ وكانت مهمة فادحة لا تبعث إلى شيء من الأمل، فقد لبثت صوفيا حتى آخر لحظة متمسكة بأعترافاتها، وأضطر الأستاذ كدرين أن يلجأ في دفاعه إلى ضروب من البلاغة المؤثرة؛ فصور صوفيا فتاة وديعة هادئة تجيش بأعظم حب لوطنها، وتعتقد بإيمان راسخ أن المثل الثورية هي سبيله الوحيد إلى الخلاص والمجد؛ وأستعرض نشأتها النبيلة، وحياتها المضطربة، ومثلها العليا؛ وبين أنها لم تنزلق إلى الجريمة إلا مدفوعة بحبها للوطن.

أما جليابوف فقد آثر أن يتولى بنفسه الدفاع عن نفسه. وكان دفاعاً رناناً تردد صداه خارج روسيا، ووصفه مكاتب (التيمس) في بطرسبرج بأنه أعظم ظاهرة في القضية. وكان جليابوف يتدفق منطقاً وبياناً؛ وكانت أقواله محاضرة فلسفية وسياسية مؤثرة، وأستهل جليابوف دفاعه بقوله: إن المبادئ بالنسبة لأولى المبادئ أثمن لديهم من الحياة، وفند مطاعن النائب العام في مبادئ حزب إرادة الشعب، وبسط مثل الحركة الثورية وغاياتها. ثم عطف على المسائل العنيفة التي تلجأ إليها الحركة الثورية، فذكر أنها ليست إلا مهمة من المهام العديدة التي يتطلبها تطور روسيا، وأنه يحب لكي تفهم غايات الحزب ووسائله أن يدرس ماضي هذا الحزب، وهو ماض قصير ولكنه حافل بالتجارب. وسترى المحكمة متى استعرضت كتاب حياته المفتوح أن أصدقاء الشعب الروسي لن يعمدوا دائماً إلى إلقاء القنابل، وإننا قد عرفنا خلال نشاطنا أحلام الشباب الوردية. وإنه ليس خطأنا أن يكون هذا العهد قد انقضى.

(وإن حياتنا القصيرة التي قضيناها بين الشعب قد كشفت لنا عن حقيقة آرائه وآماله، وعرفنا من جهة أخرى أن هنالك ضمير الشعب كثيراً من العناصر التي يجب تأييدها. وقد عولنا على أن نعمل باسم المصالح التي أخذ الشعب يشعر بها؛ وليس باسم النظريات

<<  <  ج:
ص:  >  >>