نار وإن لم يكن كالنار محرقة ... فإن في الشعر منها آية اللهبِ
ولي صباه وأبقى شهب ليلته ... والصبح ليس بمأمون على الشهب
يا ليلة ما أظن الصبح يذكرها ... شيبت رأسي ورأس الفجر لم يشبِ
وخيمة العمر إن شد الصباح لها ... عموده كان حبل الشمس كالطنب
ونحن نأمل أسباب الحياة بما ... مثلته وأراه أضعف السببِ
وحجة العمر أكدار فأن غلطت ... بالصفو دنياك فاعدده من النغبِ
يحبك الناس إن أمسكت عن طلب ... والله يمقت إن أمسكت عن طلبِ
إن كان رزق بماء الوجه محتلباً ... فرزق ربك يأتي غير محتلبِ
ويقول في الشيب أيضاً:
ما مع الشيب حديث في غزل ... قد شغلنا منه بالضيف نزلْ
لست ممن ينزل الضيفُ به ... فيراه الضيف عنه في شغلْ
وكذلك يقول:
بلغت أول عمري أرْزل العمر ... فلم يزدني أشتعال الشيب في الشعر
والشيب والشعر كانا ساكني خلدي ... وإنما انتقلا منه إلى نظري
أما خديعة أحلام أغر بها ... في يقظتي فكر جاءت على فكر
كان الحمام أمام الصفو أرفق بي ... من الحياة التي أفضت إلى الكدر
علا البياض قتور كان أوله ... هذا البياض الذي يعلو على الشعر
فلليل ليل شباب المر إن سلكت ... فيه المنيةُ لم يسلك بمعتكر
عمر الفتى ليلة والموت صبحتها ... والشيب بين الدجى والصبح كالسحر
متفرقات له
وللقاضي الفاضل شعر غير قليل في الرثاء والهجاء والوصف والحكم وغير ذلك فهو يرثى العزيز فيقول مخاطباً قصره:
لئن صرت فوق الأرض أرضاً فربما ... عهدناك من جوف السماء لنا سما
حكيت لنا بالأمس عنهم حقيقة ... فأصبحت أنت اليوم ظناً مرجماً
عزيز علينا أن نراك على البلى ... تراباً نهي المشغوف أن يتتيما