وأسلوب الرافعي في هذا الكتاب أسلوب العالم الأديب، يجد فيه كل طالب طلبته من العلم والأدب والبيان الرفيع. وكان الرافعي يومئذ قد أتم الثلاثين. . .!
في السنة التالية، أصدر الرافعي الجزء الثاني من تاريخ آداب العرب، وموضوعه أعجازُ القرآن، والبلاغةُ النبوية؛ وهو الذي أصدره من بعد في طبعته الثانية باسم (أعجاز القرآن)، وباسمه الثاني يعرفه قراء العربية، وقد طبعه على نفقته المرحوم الملك فؤاد رحمه الله. وفي مكتبة الرافعي الآن أصولُ الجزء الثالث من تاريخ آداب العرب، ومعها تعليقات كان المرحوم الرافعي ينوي إضافتها إلى الجزء الأول في طبعته الثانية فعاجلته المنية؛ فهل للعربية في هذا البلد أوفياء مخلصون يعرفون للرافعي منزلته ولكُتًبه مكانها فيطبعوا هذه الأجزاء الثلاثة وينشروها على الناس؟ وهل يسمعني معالي وزير المعارف وهو القائم على شئون العلم في هذا البلد، وهو هو الذي كان يعرف الرافعي صديقاً وجاراً مواطناً فوق معرفته إياه أديباً وعالماً وشاعراً كان في الأدباء والعلماء والشعراء خير داعية لمصر الزعيمة بين الناطقين بالضاد. . .؟
لقد قلُتها مرة، فهل أظلّ حياتي كلها أهتف بهذه الأمة التي لا تعرف الجميل فلا تجيب. . .!
أيها الناس! لقد أوشكت أن أومن بأن الرافعي مات. . .!
حاشية: قلت: إن من المكتبات التي استعان بها الرافعي في تأليف كتابه، مكتبة القصبي بطنطا، وهي المكتبة التي أنشأها وجمعها المرحومان الحسيبان الشيخ إمام القصبي وولده الشيخ محمد القصبي شيخا الجامع الأحمدي قبل المرحوم الشيخ الظواهري الكبير
وقد حدثني عنها أبي، كما حدثني عنها المرحوم الرافعي، أنها مكتبة حافلة، مشحونة بفرائد العلوم والفنون، زاخرة بنوادر المخطوطات والمطبوعات من كتب الدين والعربية؛ وهي الآن محبوسة في حجرة رطبة لا ينفذ إليها الهواء من حجرات زاوية القصبي بطنطا، لم يفتح بابها منذ ربع قرن أو يزيد لعدم عناية القائمين عليها وجهلهم بقدرها، فإذا لم يكن السوس قد أتى عليها فإن هناك فرصة لا تزال لإنقاذ ما يمكن إنقاذه منها، وحسْب العربية ما لقيت من أهلها في عصور الجهل والانحطاط يا أولي الألباب. . .!؟