وكان من وسائل تشجيعه على إتمامه وطبعه، ما أعانه به مدير الغربية الأديب المرحوم محمد محب باشا من معونات أدبية ومادية. . .
ليس من همي هنا أن أتحدث عن القيمة الأدبية لكتاب الرافعي تاريخ آداب العرب؛ فقد فرغ الأدباء من الحكم عليه، وما منهم إلا له فيه رأي محمود وثناء مستطاب؛ وما ناله أحد بنقد إلا الأديب طه حسين الطالب بالجامعة المصرية، إذ يقول في مقال نشرته له (الجريدة) سنة ١٩١٢: (. . . هذا الكتاب الذي نشهد الله على أننا لم نفهمه. . .) لكنه عاد فصحح رأيه فيه سنة ١٩٢٦، فأعترف بأنه لم يعجبه أحد ممن ألفوا في الأدب إلا الأستاذ مصطفى صادق الرافعي (فهو قد فطن لما يمكن أن يكون من تأثير القصص في انتحال الشعر وإضافته إلى القدماء، كما فطن لأشياء أخرى قيمة وأحاط بها إحاطة حسنة في الجزء الأول من كتابه تاريخ آداب العرب. . . .)
نال الرافعي بكتابه هذا مكاناً سامياً بين أدباء عصره، وشغل به العلماء وقتاً غير قليل، وحسبك به من كتاب أن يقضي الأستاذ الكبير أحمد لطفي السيد بك (باشا) أسبوعاً يخطب عنه في مجالس العاصمة ويكتب عنه مقالاً ضافياً في الجريدة جاء فيه: (قرأنا هذا الجزء؛ فأما نحوه فعليه طابع الباكورة في بابه، يدل على أن المؤلف قد ملك موضوعه ملكاً تاماً وأخذ بعد ذلك يتصرف فيه تصرفاً حسناً؛ وليس من السهل أن تجتمع له الأغراض التي بسطها في هذا الجزء إلا بعد درس طويل وتعب ممل. . . وأما أسلوب الرافعي في كتابته فأنه سليم من الشوائب الأعجمية التي تقع لنا في كتاباتنا نحن العرب المتأخرين، فكأني وأنا أقرؤه أقرأ من قلم المبرد في استعماله المساواة وإلباس المعاني ألفاظاً سابغة مفصلة عليها، لا طويلة تتعثر فيها ولا قصيرة عن مداها تودي بعض أجزائها. . .)
وكتب عنه الأمير شكيب أرسلان - وهو أشهر كتاب العربية في ذلك الوقت - مقالة في صدر المؤيد جاء فيها:(لو كان هذا الكتاب في بيت حرام إخراجه للناس منه، لكان جديراً بأن يُحَجَّ إليه؛ ولو عكِف على غير كتاب الله في نواشيء الأسحار، لكان جديراً بأن يعكف عليه. . .)
وقال عنه المقتطف:(إنه كتاب السنة. .) وما كتب المقتطف مثل هذه الكلمة من قبل ومن