للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عذراء طاهرة، لتغتسل فيها، وإذ ذاك تتغلغل هذه البذرة إلى بطن العذراء فتحمل لساعتها بمنجى العالم ومن على يديه سيكون انتهاؤه فإذا ولد هذا المنجى وشب، أخذ يدعو إلى دينه وأصطفى له من التلاميذ خمسة عشر رجلاً وخمس عشرة امرأة، ليعاونوه على تأدية رسالته إلى أن ينتهي أجله المحدد بسبع وخمسين سنة فينتهي بانتهائه الكون. وعلى أثر ذلك يبدأ البعث فتمتلئ بقاع الأرض بمياه شديدة الحرارة تسيل كلها من معادن صهرتها النيران القوية فأما الأخيار فيحسون كأنها حمامات من لبن فاتر يجد الجسم فيه لذة وسروراً؛ وأما الأشرار فسيجدونها قاسية مؤلمة، ولعل العذاب بمياه هذه المعادن هو آخر ما يقاسيه أهل الأعراف الذين هم بين الجنة والنار، ثم يدخلون بعد ذلك في زمرة المعفو عنهم

عند ذلك ينهزم إله الشر الهزيمة الأخيرة ويُلقى بالثعبان الذي كان يمثله في وسط هذه المعادن فينصهر فيها ويستقر كل من السعداء والأشقياء في مكانه استقراراً أبدياً بلا تغيير ولا تبديل. ولكن عقيدة التأبيد في الجحيم لم تستمر على حالها، بل لم تلبث أن صارت موضع نقاش بين رجال الدين انتهى بأن قر الرأي على أن للعذاب في الجحٍيم حداً ينتهي عنده فيلحق المعذبون بالأخيار المنعمين، وإذ ذاك يتم السلام النهائي.

الفلسفة العملية أو الأخلاق

ليست الأخلاق من وضع الأهواء البشرية ولا من اختراع المنافع الفردية حتى تتأثر بالأزمنة والأمكنة والظروف المختلفة، وإنما هي قوانين عامة خالدة، ولذلك نرى الفضائل الجوهرية هي هي عند قدماء المصريين، وعند الهنود والفرس والصينيين واليونان والرومان كما هي عند شعوب القرن العشرين في جميع بقاع الأرض إلا من تغيرت طباعهم، وتبدلت فِطَرُهم بسبب من الأسباب التي أجمع علماء الأخلاق والنفس والاجتماع على تأثيرها في السلوك البشري.

لهذا كانت الفضائل عند الفرس كما هي عند غيرهم من الأمم تتألف من صفوف ودرجات، لكل صف منها منزلته الخاصة، فمثلاً الشرف والإحسان والأمانة الزوجية من الجانبين كانت في الصف الأول. ولقد كانت العدالة والعفة والإخلاص والصدق من أجل الفضائل كما كان العمل على تنمية النوع البشري وتقويته من أهم الواجبات الدينية، ولهذا أباحت الشريعة (الزرادشتية) تعدد الزوجات، ليكثر النسل، وحرمت الصوم لتتوفر القوة في جميع

<<  <  ج:
ص:  >  >>