أفراد الشعب، وكذلك محاولة زيادة خصوبة الأرض والاستمتاع بما في هذه الحياة من خيرات ولذات مشروعة كانت من أسمى فروض الشريعة حتى أن إهمال بقعة من الأرض بدون نبات أو عدم الاكتراث بالتزين كارتداء رث الملابس أو عدم المبالاة بتنظيم قص الشعر والأظافر، كل ذلك كان من الجرائم الممقوتة، أما الرذائل المستفظعة فهي أضداد هذه الفضائل طبعاً.
هناك فضائل ثانوية أو مستحبات أخلاقية مثل أكل اللحوم وجميع الأطعمة المغذية ومحاولة الإحساس بالسرور، ومثل مهاجمة الأعداء من الأفراد بنظير ما قدموه. أما الدفاع عن النفس أو عن الوطن، فقد كان من الواجبات المقدسة.
هذه هي أهم الفضائل الجوهرية والثانوية ولم يبق عدا ذلك إلا أعمال هي إلى الأساطير الوثنية أقرب منها إلى الفلسفة العملية وذلك مثل حظر قتل القنافذ وكلاب البحر كما أسلفنا.
الديانة المانوية
حياة ماني
لم يعرف التاريخ عن حياة (ماني) أو (مانيس) مؤسس الديانة المانوية أكثر من أنه ولد في (بابل) سنة ٢١٥ وقتله أحد ملوك الفرس في سنة ٢٧٥ بعد المسيح وأنه كان متنسكاً متصوفاً متشائماً لا يؤمن بانتصار الخير على الشر البتة ولا أمل عنده في صلاح هذا الوجود، وأنه تأثر في بعض نواحي مذهبه بالزرادشتية وفي البعض الآخر بالميتهرية القديمة التي عبثت بها العقلية الرومانية فبدلت منها الشيء الكثير، وفي البعض الثالث بالديانة البراهمية الأولى، وفي الرابع بالمسيحية قبل وضع قواعد الكنيسة كما يتبين ذلك كله في آرائه.
مذهبه
يرى (ماني) أن العالم نشأ من عملاق قسم جسمه إلى أجزاء ثم كون الموجودات من بعض هذه الأجزاء. ولا ريب أنك تذكر أسطورة بدء الخلق عند الهنود، وهي التي حدثتنا عن اشتياق الإله (براجاباتي) إلى التكثر وعن تجزيئه نفسه ونشره أجزاءه في الكون ليوحد منها جميع الكائنات.