للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

غير أن الذي لاشك فيه هو أن الإسلام قد أكتسح الديانة (الزرادشتية) اكتساحاً ملموساً ولم يدع لها من معتنقيها إلا نحو عشرة آلاف نسمة في بلاد الفرس ونحو مائة ألف في بلاد الهند وهم الذين أشرنا إليهم في مبدأ حديثنا عن الفرس، وقلنا إنهم لا يزالون يُعرِّضون جثث موتاهم للوحوش.

أما المانوية فقد انتقلت إلى أوربا مع الرومانيين الذين كانوا في بلاد فارس، ثم جعلت تنتشر في جميع أجزاء الإمبراطورية الغربية الرومانية، ولكن في خنوع وإذعان للمسيحية جعلاها إلى الأهازئ أقرب منها إلى المذاهب الجدية كأن تصرح مثلاً بأن خالق الكون هو إله الشر، وأن المسيح إله الخير خصمه العنيف الذي ضرب المثل الأعلى على خيريته بتضحية نفسه للصلب في خير الإنسان.

ما زالت هذه الديانة المانوية تتلاشى في المسيحية على هذا النحو حتى ابتلعتها نهائياً ولم يبق لها في الوقت الحاضر من أثر في أوربا إلا على الآراء الاجتماعية مثل الاشتراكية والشيوعية وما شاكلهما من الآراء المتطرفة التي اعتنقتها المانوية بعد عصرها الأول ثم حملتها معها إلى أوربا فكانت جرثومة كثير من المذاهب الاجتماعية الأوربية في العصور الحديثة.

(يتبع)

محمد غلاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>