وكان لبلنسية شهرة فائقة في هذا الفن، وكان لها أثرها فيما بعد في أرجوان وقشتالة؛ ثم ذاع هذا الفن الأندلسي بعد ذلك في فرنسا وإنكلترا. وكان الملوك والأمراء في العصور الوسطى يزينون قصورهم وابهاءهم بنماذج من الخزف الأندلسي والتوينات الأندلسية، ولا سيما الألوان الذهبية الوهاجة التي برع فيها أهل الأندلس. كذلك يصف الفهرس الخاص بالنسيج براعة أهل الأندلس في هذا الفن، وما كان لهم من فضل في تقدم النقوش والنماذج المتماثلة، واستحداث صور الأزهار والزخارف المستديرة. وقد كان للفن الأندلسي أعظم الأثر في تطور هذا الفن الدقيق أيام عصر الإحياء، وكانت غرناطة أيام ازدهارها تخرج من الحرير والكتان أفخم وأبدع النماذج التي كانت تستوردها أعظم القصور والشخصيات
آراء جديدة في العقاب
تطورت فكرة العقاب في القرن الماضي تطورً عظيماً، ثم هي لا زالت تتطور اليوم. وقد أصبحت الغاية الأولى من العقاب هي الإصلاح الاجتماعي بعد أن كانت هي الزجر والردع. وللعلامة الألماني الدكتور هانس فون هنتج كتاب في هذا الموضوع ظهرت أخيراً ترجمته الإنكليزية وعنوانه (العقاب؛ أصله، وغايته ونفسيته). ويقول الدكتور فون هنتج في تصديره إنه يقصد بمؤلفه أن ينفذ إلى ذهن الرجل العادي قبل الأستاذ الباحث؛ لأن الرجل العادي هو المسئول في الواقع عن وضع التشريعات الحسنة والسيئة؛ ويتناول فكرة العقوبة والعقاب من ناحية جديدة، ويضع للعقاب تعريفاً جديداً، ويصفه بأنه نوع من التطعيم لخطر صناعي لا يقل شبهاً عن الأخطار التي تفرضها الطبيعة ذاتها لصون قوانينها، ويعرفه في مقدمته بما يأتي:(العقوبة تعني إنشاء خطر صناعي، والعقاب إضرار منظم، وصدع للحياة منظم في شكل قوانين يستعملها المجتمع ليعود الإنسانية على تجنب بعض طرق العمل التي تخاصمها أو تؤذيها)
ويرى الدكتور فون هنتج أن فرض العقوبة لا يبرره سوى السعي إلى تخفيف الضرر الإنساني، وعنصره القانوني يتوقف تماماً على مقدرته في التأثير في غرائز الفرد ومشاعره، فالرجل الذي لا يشعر مثلً شعوراً قوياً بغريزة الاحتفاظ بالنفس لا تؤثر فيه العقوبة كثيراً؛ وكذلك لا يكون للعقوبة قيمة اجتماعية إذا كان اكتشاف الجريمة التي توقع من أجلها العقوبة أمراً عارضاً. ويقدم لنا المؤلف أمثلة عملية عديدة يرى أن العقاب فيها لا