نظري. . . يقصر عن كل ... دقيق وجليل
غاب يا نفسي إشرا ... قك والفجر الجميل
واستحال الماء فاستحـ - جر في كل مسيل
يرجع اللحن إلى أو ... تاره بعد قليل!
وكان حب الشاعر المفرط للبحث والتنقيب في أمهات الكتب الأدبية والفلسفية يحمله على أن يقطع ليالي برمتها ساهراً: يقلب صفحات كتبه تارة، وصفحات أفكاره تارة أخرى، أو يغازل عرائس أشعاره وقوافيه، البارعات الجمال، ذلك دون أن يقيم لصحته وزناً، أو يعطي جسمه الضاوي راحته من الهجود وفي ذلك يقول: -
ويح نفسي تنام من دونها الأنـ ... فس شوطاً وما تهم بشوط!
أنا والنجم ساهران نعد الصبح ... خيطاً من الشعاع لخيط!
كم صباح نسجته أنا والنجـ ... م وأرسلت شمسه من محطي!
وكان من جراء هذه الجهود المتواصلة التي كان يبذلها الشاعر في الانكباب على الدرس والتحصيل أن أصيب بداء (السل) الذي أودى بحياته في أقل من نصف عام. فرجع هذا اللحن الجميل إلى أوتاره، على حد تعبير الشاعر. والشاعر لما يزل في ريعان الشباب، ولما يتجاوز الخامسة والعشرين
هذا وقد خلف الشاعر ديوان شعره، الذي كان يعده للطبع بعنوان (إشراقة). وقد قدم له بقصيدة شيقة جاء فيها:
قطرات من الندى رقراقه ... يشرق البشر دونها والطلاقة
قطرات من الصبا والشباب الغض (م) ... منسابة به منساقه
ورذاذ من روحي الهائم الولهان (م) ... أمكنت في الزمان وثاقه!
قطرات من التأمل حيرى ... مطرقات على الدجى براقه
يترسلن في جوانب آفاقي (م) ... شعاعاً أسميته (إشراقه)
في سنة ١٠٢٧، نشرت له مجلة (البلاغ الأسبوعي) أولى قصائده، وهو يومذاك طالب حديث السن في الخامسة عشرة من عمره، ومطلعها: -
تبدي الصدود وإنني أهواها ... حسناء ما عرف الهوى لولاها!