بالديمقراطية والثقة في مزاياها، وذلك لما تغرق فيه من تشويه نتائج الحكم الديمقراطي، ومن نشر الأنباء التي تسبغ الريب على صلاحيته من النواحي الاجتماعية والأخلاقية والسياسية.
نقول: وإنه ليجدر بأحد الصحفيين المصريين النابهين أن يقوم بمثل هذا التحقيق، فيحدثنا عن الآثار التي أحدثتها الصحافة في العصر الأخير في عقلية المجتمع المصري، وعن مدى التزام الصحافة المصرية في أساليبها وفي مقاصدها للقواعد الأخلاقية والثقافية الحقة.
توماس مان والجامعات الألمانية
كانت جامعة بون الألمانية ضمن الجامعات التي منحت كاتب ألمانيا الأكبر توماس مان درجاتها الفخرية، وكان ذلك قبل قيام الوطنية الاشتراكية في ألمانيا، وأيام أن كان الكاتب الكبير في إبان مجده؛ ولكن ألمانيا الهتلرية تنكرت لجميع الكتاب الأحرار، وكان توماس مان في مقدمة ضحايا النظام الحالي، فغادر ألمانيا إلى إنكلترا مع أخيه الكاتب الكبير هينريش مان؛ ثم نزعت عنه الحكومة الهتلرية جنسيته الألمانية؛ وعلى أثر ذلك سحبت جامعة بون منه درجتها الفخرية، وأعلنته بهذا التجريد في خطاب موجز جاف؛ فرد عليها توماس مان بخطاب مسهب يفيض وطنية ونبلا؛ وفيه يحمل على النظام الحالي في ألمانيا ويستعرض آثاره المخربة للحضارة الألمانية والتفكير الألماني؛ ثم يعرب عن حزنه لما أصاب الجامعات الألمانية في هذا العهد من الصغار والذل. ويقول:(إن الجامعات الألمانية تحمل قسطاً عظيماً من المسئولية في المحنة الحاضرة لأنها أساءت فهم مهمتها التاريخية، وسمحت بأن تكون مهاداً لتغذية القوى الهمجية التي خربت ألمانيا من الوجهات الأخلاقية والسياسية والاقتصادية. . . وإن كاتبا ألمانيا يدرك مسئوليته وتتوق وطنيته إلى الإعراب من الوجهة المعنوية عن كل ما يحدث في ألمانيا لا يستطيع أن يغض الطرف عن ذلك البلاء الذي يعصف بوطنه، والذي يسحق الأجسام والعقول والأرواح ويسحق الحق والصدق). وقد ظهرت رسالة توماس مان هذه إلى جامعة بون أخيراً بالإنكليزية وأحدث نشرها أثراً عميقاً في إنكلترا وأمريكا. وتوماس مان هو بلا ريب أعظم كتاب ألمانيا المعاصرين، وهو يحمل جائزة نوبل للآداب