بالعمران والسكان في عصور واغلة في القدم. . . وما نعلم أحداً طعن في هذه الرمال وكتب عنها تقارير قيمة، وأبحاثاً لها أهميتها في عالم الكشف سوى ثلاثة من الأوربيين هم: برترام توماس، وجيزمان والمستر فلبي أخيراً. . .
وكتبهم هذه لا تتعدى المشاهدة والملاحظة التي مرت بهم في أثناء سيرهم في طريق خاص، بل في طريق مأهول. فياليت شعري ما علم المناطق المجهولة التي لم تطأها حتى أقدام البدو من أبنائها؟؟
ومهما كانت الإحاطة محدودة وضيقة بهذه البقاع فإن المستر فلبي قد نشر لنا صفحة من صفحها المطلوبة، وصورة من صورها الغامضة، وقفنا على الشيء الكثير من أسرارها وخفاياها
وأمنيته في اختراق هذه الآفاق تعود إلى سنة ١٩١٨ حتى تحقق حلمه في عهد الملك ابن السعود بعد أن أخذ عليه إقراراً كتابياً إنه غير مسؤول إذا ما لحقه سوء في الطريق؛ فأمضى المستر فلبي وتوكل على الله. وانحدر من (الهفهوف) أو (الهفوف) بإقليم الحسا في عشرين رجلاً و٣٢ جملاً محملة بالماء والزاد والمتاع، واستغرقت رحلته أكثر من شهرين، اخترق الجنوب ثم انعطف نحو الشمال حتى بلغ (السُّليِّل) من أعمال (نجران)
ومؤلفه هذا يقع في ٤٠٠ صفحة من القطع المتوسط، ومحلى بصور رائعة تمثل مناظر ذلك العالم المجهول. وقد قسم كتابه إلى ثلاثة أقسام؛ الأول يشمل صحراء (جافوره) و (جبرين) وهاتان المنطقتان تقعان جنوب الحسا فيهما عيون ونخيل، وهِجر (للأخوان) ثم تليهما إلى الجنوب منطقة (الرمال) وهي عبارة عن مفاوز ذات سطح متموج؛ ويأتي القسم الثالث وهو (الربع الخالي) ويمضي المستر فلبي ويصور لنا شبحه المخيف كما يتصوره البدو وكيف يبتلع الأرواح، ويدفن الأشباح! وبعد هذا القسم في نهاية الكتاب تأتي شذرات قيمة، وملاحظات دقيقة، لبعض العلماء الطبيعيين في المتحف البريطاني بلندن عن النيازك التي سقطت في بقاع الربع الخالي، وعن أنواع غريبة الشكل من الطيور والحيوانات والحشرات، ومن الأخيرة جمع صناديق قدمها للمتحف البريطاني. . .
والقيمة العلمية لهذا الكتاب يلمسها المرء في ثنايا السطور، فهو يرسم لنا مناظر خلابة للصحراء، والأشياء المتصلة بمظاهر البادية تصويراً طبيعياً، قريب الانتزاع، صادق