للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه الآبار من سفى الرياح غريب، فيقول إن البدو يغطون أفواهها بالجلود العريضة وأغصان الشجر، وهم على اتفاق تام على رعاية هذه المصلحة العامة في جميع تطوافهم

وعندما دخل المؤلف منطقة (شنة) ص٢٢٨ تراءت له منبسطات من الرمل محاطة بكثبان تكون شكل بحيرات وأخرى منها مستطيلة، أدى بحثه إلى أنها بحيرات كانت موجودة من العصر الجيولوجي الثالث، وكانت تتدفق إليها الأنهار من شتى أنحاء الربع الخالي، حاملة الطمي معها، ثم لم تلبث هذه البحيرات أن جفت وفاضت عليها أنفاس الرياح فغمرتها بكثبان الرمل!

ويظن المستر فلبي أن بلدة (شنة) لا تبعد عن البقعة التي كان وادي الدواسر يصب مياهه فيها في الأعصار القديمة؛ ويعزز رأيه بأن حفافي تلك البحار لا تزال محسوسة حتى هذه الساعة في الأجراف التي تعود إلى العصر الميوسيني في طرقات (جيبان) وأفاض المؤلف في هذه الظاهرة الجيولوجية العجيبة التي خرجنا منها بأن بقاع الربع الخالي كانت آهلة في عصور سحيقة بالسكان والعمار، وكانت حضرموت وظفار وجبال القرا، بل الشاطئ الجنوبي من الجزيرة العربية مغموراً بالمياه؛ وكانت وديان الدواسر وتثلث وحبونة وسحبة وبيشة أنهاراً تصب مياهها في رحاب الربع الخالي؛ فلما جفت هذه الأنهار، وأضحت ودياناً كما هي اليوم أنحسر الماء عنها فخلت تلك البقاع فلم يبق فيها إلا هذه الآثار من الأصداف وأحجار البحر، وفضلات الزجاج، والصخور الغريبة التي شاهدها المؤلف وشحن منها صناديق. وقال عن وادي الدواسر إنه أعظم الأنهار القديمة ينحدر من جبال عسير واليمن فيمر على (دام) و (السُّليِّل) فيلقي بنفسه في أحضان الربع الخالي!

وهذه النظرية المحيرة لم يقل بها المستر فلبي وحده، بل فطن لها كثير من علماء الجيولوجيا كملطبرون والعالم الإيطالي كاتاني داتيانو، إذ يعتقدون استناداً إلى الأدلة الجيولوجية أن الجزء الجنوبي من بلاد العرب كان في يوم ما مزدهراً بحضارة عظيمة تعود إلى ما قبل التاريخ، أيام كانت هذه البقاع تأهل بأقدام أمم الأرض وأشدها قوة من بني عاد. . .

وهذا السفر الجليل الذي خدم فيه المؤلف العرب لم يسلم من بعض الهنات، من ذلك ما جاء في ص٧٧ عند الكلام على قبيلة (المناصير) فقال، استناداً إلى ضعف رواية، إنها قبيلة

<<  <  ج:
ص:  >  >>