وجرأة؛ وهي رسالة شاقة، ولكنه راعى الواقع، فلا يدري إنسان متى تتهيأ الفرصة للأزهر من جديد، فيمنحه الدهر رجلاً مستقل الفكر، قوي الإرادة، صادق العزيمة، متفهماً للحياة كما منحه في السابق رجل التاريخ والإصلاح، وكما يمنحه اليوم بصنوه. فما أشد تقاربهما في الفكرة، ولكن ما أبعد المسافة بين توليهما شؤون تلك الجامعة العالمية.
وإذا كانت روح السياسة العامة الآن للدولة مشبعة بمجاملة الأجانب ومنحهم حرية كاملة في تعليم جالياتهم وعدم إلزامهم بثقافة البلد الوطنية - كما هو الشأن في البلاد الأوربية نفسها - فلا يصح أن تقصر تلك السياسة في حق أبناء الأمة وتكل أمر تربيتهم إلى جهة أخرى غير الأمة نفسها. يجب أن تفهم حد المجاملة وتدرك ما ينطوي عليه حق الأمة في استقلالها وحريتها.
وإذا كانت وزارة المعارف اليوم تعنى بالثقافة الوطنية بعض العناية فيجب أن يكون الدافع لها عليها مصلحة الوطن والعمل على تحقيق استقلال الأمة لا الرغبة في كسب عواطف الشعب أو استمالة طائفة منه خاصة، فما أكثر تغير الشعب في عواطفه، ولكن ما أثبته على حب من أخلص إليه في خدمته!
محمد البهي قرقر
دكتور في الفلسفة وعلم النفس وعضو بعثة الإمام الشيخ