للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استخراج الراديوم والألمنيوم وسائر المعادن في سواحل البحر الأحمر، ومشركات مصانع الفواكه والمربيات في وادي عربة الواقع في الصحراء في شرق مديريتي بني سويف والمنيا. فكلها شركات مصرية) فلم أتمالك أن اهتززت هزة قوية عندما ذكر الفتى ذلك ورفعت رأسي مباهياً كأنما هذه الشركات قائمة في عصري الحالي وكدت افخر قائلاً أنا من بني مصر هؤلاء. ولكني ذكرت أن فخر ذلك ليس لي فاني من أهل جيل لم يحن لهم أن يفاخروا بمثل هذا. ورأيت الفتى يستعد للقيام فسألته وأنا آسف لفراقه: (إلى أين؟) ولقد وددت أن أبقى معه حتى اعرف كل ما في حياة مصر في عصره من التجديد البديع، ولكنه أجاب إجابة حاسمة: (اعتذر لك لاني ذاهب لسماع خطاب رئيس شركة قناة السويس في البرلمان في موضوع هام خاص برسوم البحارة في تلك القناة) فسألته: (وكيف يكون رئيس تلك الشركة عضواً في البرلمان؟) فنظر ألي متأففاً من غبائي وقال: (ولكن لم تعجب لذلك؟ أليس مصرياً؟) فخجلت إذ عرفت إنني دائماً أنسى واخلط بين عصري وذلك العصر الجديد الذي نزلت به. ومد الفتى يده إلى

مسلماً وقال: (لعلنا نلتقي بعد!) فسلمت عليه باسماً وشكرته ولكنني لم املك نفسي أن سألته سؤالاً كان يحول بنفسي طول المدة التي جلست فيها معه فقلت: (ولكن ماذا فعل الإنجليز. ألا يزالون على عهدهم) فرفع الشاب رأسه عالياً وشمخ بأنفه وقال لي غاضباً: (حسبك أيها الرجل. ما ظننت انك تبلغ بي إلى هده الإهانة.) فقلت معتذراً: (أية اهانة؟ انني لم اقصد شيئاً من ذلك) فقال وهو يسير: (انك تذكرني بعصر مضى منذ بعيد. قضى على بلادي أن تخضع له حيناً من الدهر أيام كان أهلها فيهم رخاوة وضعف، ولكن ماذا يدخل الإنجليز اليوم في أمورنا ولهم من أمورهم في بلادهم ما يملأ دائرة اهتمامهم؟) قال هذا وسار مسرعاً وتركني وحدي لا املك رأسي ما بها من الدوار. فوضعت منظاري على يميني وجعلت بنظري حتى رأيت الآلة حيث تركتها وأسرعت إليها فأدرتها وعدت إلى عصري ورأيت المناظر التي أعدتها منذ عشت، وعدت إلى منزلي فقضيت ليلة مسهدة بين آمال وهموم. وقد زارني أصدقائي في اليوم التالي فقال لي توفيق: (لعلك رأيت في العصور الآتية ما يذهب عنك الم الحاضر) فقلت: (لن تراني بعد اليوم مقطب الجبين. سوف أسعى بقدر طاقتي لعلي أكون موفور النصيب من بناءس ذلك المجد المقدور. ثم حكيت له قصة

<<  <  ج:
ص:  >  >>