لم تثر مسألة من المسائل في عصرنا من الجدل قدر ما تثير الفاشستية؛ ومع ذلك فلا يزال معنى الفاشستية ومراميها الحقيقية بعيداً عن فهم الرجل العادي. وقد صدر أخيراً بالإنكليزية كتاب يوضح هذا اللغز ويفسره عنوانه (الفاشستي) بقلم الكاتب السياسي ا. أشتون وفيه يحلل معنى الفاشستية ويستعرض مثلها بطريقة واضحة. ومما يلاحظه في مقدمة كتابه أن من العبث أن ندرس الفاشستية من واقع عقائدنا وآرائنا السياسية، بل لا بد لذلك من أن نلبس جلد الفاشستي؛ وهو يحاول ذلك في كتابه؛ ويلخص لنا مستر أشتون مركز الفرد في الدولة الفاشستية بما يأتي:(إن الفرد لا قيمة له في نظر الدولة مطلقاً، وليس له حق البقاء إلا كفرد من المجتمع؛ وقد استبدلت حقوقه الشخصية بتسليم كل أفكاره ومشاعره ورغباته إلى الدولة، فلا حق له في التفكير أو التقدير؛ ولهذا أصبحت قوة التقدير عنده معطلة جامدة، وكل ما يسمح له أن يفكر فيه هو ما تسمح به الدولة أن يفكر؛ وهو يدهش إذ يرى في العالم أناساً لا يعتقدون أن الفاشستية هي خير طريق إلى الحياة)
ويلاحظ المؤلف أيضاً أن من خطل الرأي أن نعتقد أن الأكثرية من الدولتين الخاضعتين للنظم الفاشستية، وهما إيطاليا وألمانيا، ساخطة على هذه النظم؛ ولكن يلاحظ من جهة أخرى أن ألمانيا وإيطاليا هما دولتان في طور الفتوة، وليست لإحداهما كما لإنكلترا أو فرنسا أو أمريكا تقاليد ديمقراطية عريقة؛ بل لقد كانت الفكرة الديمقراطية لديهما طارئة، ولم يرسخ غرسها؛ ومن ثم قد استحالت الديمقراطية في إيطاليا غير بعيد إلى حالة من الفوضى يستغلها المحترفون، وأما الشعب الألماني فهو بطبعه شعب عسكري يجنح إلى النظام والالتفاف تحت الألوية العسكرية، ويقدم خضوعه للنظم التي تشبع بهذه الروح بسهولة لا توجد في الشعوب الأخرى.
مصاير الحرب والسلام في أوربا
لفت أنظار الدوائر السياسية في إنكلترا وفي القارة كتاب سياسي خطير ظهر أخيراً بالإنكليزية عن نيات ألمانيا ومشاريعها العسكرية عنوانه:(مؤامرة هتلر ضد السلام) ' ومؤلفه الدكتور اكنر (وهو غير الطيار الشهير) أحد الكتاب الألمان المنفيين؛ وفيه