أخذ الاهتمام بالقصص يزداد في العالم العربي لما تبين من نفاسة قيمته الفنية والأدبية، وعظم فائدته القومية والإنسانية. وكانت مصر وما تزال مجلية في الحلبة؛ ثم بدا نمو هذه الحركة ونشاطها في لبنان. أما دمشق فظلت في تأخر حتى إذا ظهر كتاب (في قصور دمشق) رحب به الأستاذ منير العجلاني في المقدمة التي كتبها له واستزاد مؤلفه من أمثاله وحثه على الاستمرار في الكتابة
وأقاصيص الكتاب صغيرة تتراوح بين ثلاث وأربع صفحات تفضح - إذا صح القول - كثيراً مما في زوايا الخدور في صراحة يستهجنها بعض المتأدبين ويحبها المحافظون، وفيه كثير من الأساليب واللهجات العامية
تلذ قراءة هذا الكتاب للفتيان لأنهم يذهبون مع رغباتهم ويستطيبون لذات الحياة مهما كبحوا جماح أهوائهم وربما فسروا حكاياته مع ما يتفق وغرورهم، أما الكهول فلعلهم لا يجدون في هذه الأساطير كبير غرابة لأنها أحاديث تملأ المجالس الخاصة، وما هي بالأمر الذي يطغي على دمشق بل هو ناحية صغيرة من نواحيها الجديرة بالاهتمام. وليست هذه الحال تختص بدمشق وحدها ففي كل بلد من عجائب أسرار البيوت ما تعافه النفوس الأبية.
ولا ريب أن الأستاذ النجار قد عانى مر المشاق في سبيل تلقف هذه القصص وجمعها من مجالس اللذات وأفواه الهامسين وأحاديث الأندية، وهو على عنايته بإبراز هذه الصور واضحة مجردة عناية يشكره الأدب الواقعي عليها، مصلح ينبه قومه إلى هذه الأسواء وضرورة معالجتها.