للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وأخيراً يصف لنا سافاري آثار هليوبوليس والجيزة؛ ويقدم لنا عن الأهرام وأبي الهول صوراً شعرية ساحرة، ويستعرض مختلف الروايات عن أصلها وبنائها منذ هيرودوت إلى عصره. ويصف لنا منفيس وأطلالها، ويحدثنا عن الجيزة وخططها وتاريخها وعن الفسطاط ومعالمها وكنائسها وآثارها، كل ذلك بإفاضة ممتعة تتخللها مقارنات وملاحظات تاريخية قيمة؛ ثم يحدثنا بعد ذلك عن رحلته في دمياط وضواحيها، وكيف تتبع في رحلته سير حملة القديس لويس الصليبية منذ نزولها في دمياط وسيرها بعد ذلك حتى مدينة المنصورة. ويقدم إلينا خلاصة تاريخية لهذه الحملة الشهيرة مشتقة من المصادر الإسلامية ومذكرات دي جوانفيل مؤرخ الحملة وأحد شهودها

وإلى هنا تنتهي رسائل سافاري عن الوجه البحري ومدينة القاهرة والحياة الاجتماعية المصرية، وهذه الرسائل تشغل الجزء الأول من مؤلفه عن مصر، وهي أهم وأقوم ما في المجموعة. أما بقية الرسائل، وهي تشغل الجزأين الثاني والثالث، فيخصصها سافاري لوصف رحلته في الوجه القبلي، ووصف مدنه وآثاره وواحاته، ثم وصف الجو والإقليم والزراعة والتجارة، وديانة المصريين القدماء وآلهتهم، والنيل وخواصه الأزلية؛ وهذه الرسائل تحتوي كثيراً من البحوث والملاحظات القيمة، بيد أنها لا تقدم إلينا جديداً يعتد به، ولذا اكتفينا بالإشارة إليها

هذه خلاصة شاملة لرسائل العلامة المستشرق سافاري عن مصر في أواخر الثامن عشر، وهي رسائل لا شك في قيمتها وأهميتها؛ وإذا استثنينا مذكرات الجبرتي، فإن رسائل سافاري تعتبر أنفس وثيقة من نوعها عن أحوال مصر في هذه الفترة المظلمة من تاريخها؛ وتبدو قيمة هذه الرسائل بنوع خاص فيما تقدمه إلينا من صور الحياة الاجتماعية المصرية بإفاضة لا نجدها في مصادر أخرى؛ فهي من هذه الناحية وثيقة ذات أهمية خاصة. وقد كانت بحوث سافاري بلا ريب مصدراً من أقوم المصادر التي انتفع بها علماء الحملة الفرنسية فيما بعد حينما وضعوا موسوعتهم الشهيرة في (وصف مصر) بعد ذلك بنحو ربع قرن

تم البحث

(فينا في أوائل سبتمبر)

<<  <  ج:
ص:  >  >>