يا أماه أن هذا كان كله من سبيل المزاج. لقد كنا نعبث به ونمزح. ثم تناولنا الورق لنلعب، وكان من السهل أن نربح. والرجل قد ذهبت بعقله الخمر.) (دييجو! استحلفك!)(قلت لك إننا كنا نمزح، هذا وحقك يا أماه، هو الصدق الذي لا مرية فيه، ولكني حين ذكرت هذا في دار القضاء ضج الناس بالضحك، اجل حتى القاضي. . بل لقد كان هو أشدهم ضحكاً. . ضحك الجميع من قولي هذا. . الجميع. . حتى رجال الشرطة. ومع ذلك فقد كان هذا هو الحق. فلقد كنا نرتكب الغش، ونحن لا ندري. أو إذا كنا ندري فما كنا نرى أنفسنا إلا مازحين وهل كانت سوى أموال رجل قذر معتوه، وكانت تنصب من جيبه انصباباً، كما انصبت من جيوبنا فيما بعد. حيث كنا نبذرها تبذيراً في بلاهة وجنون، حتى لم يبقى لدين منها درهم واحد.) ثم التفت إلى خزانة الكتب واخرج منها كتاباً. (هذا كل ما بقي لي من تلك الأموال. فقد مررت يوماً ببائع كتب واشتريت منه هذا الكتاب.) ثم التقى بالكتاب على المائدةفإذا هو ترجمة فرنسية لكتاب جون رسكن المعروف (تاج من أغصان الزيتون). وجعل يحدق في السفر مطبقاً حاجبيه. عجباً كيف خطر له في تلك الأيام أن يشتري هذا الكتاب؟ لقد اعتزم إلا يعود إلى المطالعة، وإلا يخط حرفاً أبدا. وما دعي إلى الذهاب لذلك الروسي سوى عزمه على أن يخمد جذوته، وان يقتل في نفسه حلماً كان يملؤها: حلما بأنه سيغدو يوماً كاتباً ومؤلفاً. ذلك كان حلم شبابه. ولكن الفقر الأليم الذي نزل بأسرته جعل تحقيق هذا الحلم أمرا محالاً. ولهذا صح عزمه على أن يقتله قتلاً. وقفت العجوز تتأمل هي أيضاً ذلك الكتاب الغريب، وبعد لحظة قالت في شيء من التردد:(أترى يا دييجو. . . لو انك عاودت الكتابة) فنظر إليها نظرة كريهة كئيبة، انقلبت لها سحنته وشاهت صورته. لكنها عادت إلى الكلام وقالت:(ماذا يضرك أن تحاول؟ ماذا يدعوك إلى اليأس، وأنت بعد فتى لم تتجاوز السادسة والعشرين ومن يدري لعل لك في الحياة حظاً جديداً ننسى به ما قد مضى. .) فقاطعها، وهو يخاطبها في سخرية وتهكم:(نعم حظ جديد ما اكثر الحظوظ الجديدة اجل ولعمرك لقد أصبت الليلة حظاً جديداً. فلقد شاهدت بعيني رأسي رجلاً يلقي بنفسه في النهر. وجلست في مكاني أراقبه دون أن أحرك ساكناً.)(ماذا تقول يا دييجو؟ أأنت شهدت حادث انتحار الليلة؟) (اجل أنا شاهدت رجلاً ألقى بقبعته على البرابي. ثم صعد وألقى بنفسه في النهر في هدوء وسكون وجلست أنا في موضعي، منصتاً لصوت