للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إذا لم يحسن الممثلون لرواية الحياة أدوارهم فيها فخير لك ألا تشهدها؛ وليس أمهر من أهل الغرور في التمثيل لأنهم يقومون بأدوارهم وكل إرادتهم متجهة إلى اكتساب رضى المشاهدين وإعجابهم، وهم لا يدخرون وسعاً في سبيل خلق شخصيتهم وتمثيلها، لذلك يلذ لي أن أنظر من خلالهم إلى الحياة فهم خير دواء للسوداء. إنني أداري أهل الغرور لأنهم أساة أحزاني المقيمون الإنسان ممثلا أمام عياني

وفوق ذلك فمن له أن يسير الأعماق في تواضع المغرور فأنا أريد له الخير وأشفق عليه بسبب اتضاعه، فهو يريد أن يقتبس منكم ثقته بنفسه متغذياً من نظراتكم، متسولاً الثناء من تصدية أكفكم. إن المغرور ليصدق أكاذيبكم إذا ما أحسنتم إيرادها عنه، فما هو إلا حائر يشك بأعماق نفسه في قيمة نفسه

إذا كانت الفضيلة الحقيقية تجهل ذاتها فالمغرور كذلك لا يعرف شيئاً عن تواضعه

أما حكمتي البشرية الثالثة فقائمة على إنني لا أدع لاستحيائكم سبيلا إلى تنفيري من مشاهدة الأشرار، فأنا أسر بالنظر إلى ما تخلق حرارة الشمس من عجائب المخلوقات كالنمور وأشجار النخل والأفاعي ذوات الأجراس. ولكم بين الناس مثل هذه المخلوقات العجيبة أفقستها حرارة الشمس أيضاً، وفي الأشرار أيضاً من البدائع الشيء الكثير. . .

إن أوفركم عقلا لا يبلغ في نظري منتهى الحكمة، كذلك لا أرى الشر إلا مبالغاً في وصفه. ولكم تساءلت مشككا: لماذا لا تزال الأفاعي تطن بأجراسها؟

إن لكل شيء مستقبله حتى الشرور، فالظهيرة البالغة التناهي في إشراقها لم تنكشف للإنسان حتى اليوم. لكم من أمور تعتبر شروراً في هذا الزمان وهي لا تتجاوز الثلاث عشرة قدماً حجماً، ولا الثلاثة أشهر بقاء، وغداً سيولد ما هو أعظم منها. ولا بد من أن تخلق الحياة التنين المتفوق خليقاً بالإنسان المتفوق، فان شموساً محرقة ستدخل حرارة الإبداع في الغابات الغضة الرطبة لم تمسسها يد بعد

لا بد من أن تصبح وحوشكم نموراً وعقاربكم تماسيح، فيجد القناص في الغاب ما يرضيه

والحق أن فيكم كثيراً من المضحكات يا رجال العدل والصلاح. ولشد ما يضحكني خوفكم ممن دعوتموه إبليساً. لقد بعد المجال بين روحكم وكل عظيم، فإذا ما لاح لكم الإنسان المتفوق بصلاحه أورثكم خوفاً ورعباً. فانكم، ايها الحكماء والعلماء، ستولون الأدبار إذا ما

<<  <  ج:
ص:  >  >>