خطة مرسومة معروفة الوسائل والغايات؛ وذلك أن الجامعة رأت في العام الماضي أن تعنى بالتربية الرياضية وألبست الطلبة أردية خاصة واستقدمت لتدريبهم رجالاً من رجال الجندية، ورغبت في تدريبهم على استعمال البنادق فاستأذنت أولي الأمر، وقيل أنهم أذنوا، ولكنا لم نر أثراً لهذا الإذن، وكان ذلك ختام ما بدأته الجامعة
أما في هذا العام فإن المرجو والمنتظر أن يكون هذا الأمر جدا، أو هو ينبغي أن يكون كذلك. وقد طلبت البعثة العسكرية البريطانية التي جيء بها لتدريب الجيش المصري إدخال التعليم العسكري في المدارس الثانوية وفي الجامعة على الأخص. ولا غرابة في هذا الطلب أو الاقتراح، فإن البعثة تدرك أدق ما يقتضيه التطور الحديث في الحرب ومطالبها، فإن الجيوش لا تكفي ولا غناء لها - مهما بلغ من ضخامتها ووفاء عدتها ووفرة أسلحتها - ولا مهرب من أن تكون الأمة كلها جيشاً عند الحاجة بعد أن انتفى الفرق من حيث التعرض لحملات العدو بين الذين يكونون في الصفوف الأولى من خطوط القتال والذين يكونون في بيوتهم أو قراهم في أقصى طرف من البلاد
ولاشك أن الحرب بلاء ونقمة، وأن الرقي الآلي الحديث قد جعلها آفة ماحقة، ولكن الرجاء في السلامة من هذا البلاء لا يكون بالاكتفاء بالإنحاء عليها، وبسط اللسان فيها، والقول بأنها شر مستطير وخراب شامل؛ وإنما يكون الرجاء في أخذ الاهبة، واستيفاء العدة، ولاسيما إذا كانت البلاد مكشوفة كبلادنا ومطموعاً فيها ومهددة بالغزو في أي لحظة تستعر فيها نار الحرب كما نحن مهددون
على أن التدريب العسكري أو الرياضي - إذا آثرت هذا اللفظ الذي لا يزعج - حسن في ذاته ومحمود، بغض النظر عن الأغراض الحربية؛ ويكفي أنه يقوم الأجسام، ويصلح الأبدان، ويهذب النفس ويقويها، ويجعل المرء على العموم أكفأ وأقدر على القيام بفرائضها والاضطلاع بتكاليفها
على أنا أمة مهددة بأن تصبح بلادها أوسع ميادين الحرب وأهولها إذا شاءت المقادير أن تشب نارها بين دول الغرب، فلا حاجة بنا إلى قول شيء في فضل التربية الرياضية ومزيتها وقيمتها فقد صار الأمر لا معدى عنه بحكم الظروف والأحوال لا بالاختيار والرأي والهوى. وهذه الأحوال تقضي علينا بأن نختار أحد أمرين: الأول أن نوطن أنفسنا على أن