هرب مازاريك من بلاده واتفق مع الحلفاء على تأليف جيش من أبناء وطنه الأسرى والمبعدين، ونجح فكان من الأبطال وأقام في قصور هابسبرج، ومات بين التعظيم والمحبة والإطراء
وصنع (روجر كازمنت)، ما صنع مازاريك فهرب من بلاده واتفق مع الألمان على تأليف جيش من أبناء وطنه الأسرى والمبعدين، وفشل فكان من الخونة المجرمين، وسيق إلى القبر وهو ينظر إلى الشمس السافرة ويهتف: ما أجمل هذا الصباح! ولكنه كان صباحه الأخير
والصحف البريطانية يومذاك تذكر هذا وتذكر ذاك، فأما مازاريك فبطل كريم، وأما كازمنت فخائن أثيم. ويتبع ذلك ما يتبع الإخفاق والخزي من فرية المفتري، وأكذوبة الكاذب، واجتراء اللئيم
كان مازاريك في صباه عوناً للمستضعفين ولو كانوا مبغضين منبوذين، وكان نصيراً للحق ولو كان الباطل أدنى منه إلى الشهرة والإعجاب. فدافع عن اليهود في بلاد لا يطاق فيها اسم أبناء إسرائيل، وزيف الأسانيد الموروثة التي يفخر بها أبناء قومه ويعتدونها من تراث الوطن الحرام المضنون به على النقد والتشكيك، فكان أبوه أول من صدق فيه تهمة القادحين وذهب إليه يستأديه بعض المال الذي قبضه من مصارف اليهود، وكان الغلاة من دعاة الوطنية في بلاده أول من تبرأ منه وخاض في عرضه حتى قال قائلهم:(إن عاراً على وطنه أن يكون بين نسائه امرأة حملت في بطنها مازاريك)
ودارت الأيام دورتها فإذا بهذا العار هو عنوان وطنه، وهو القائل باسمه والكاتب باسمه والوكيل الذي اجتمع وكلاء بلاده بعد الحرب العظمى يعلنون على الملأ الأوربي أن كل ما وقعه مازاريك في ديار الهجرة والاغتراب هو صك نافذ على البلاد تدين به وترعاه
وجرى حديث مستفيض بين الحاكم الفيلسوف وبين المؤرخ المشهور أميل لدفج استغرق أياماً، وجمعه لدفج في كتاب جاوزت صفحاته ثلاثمائة صفحة، واختار له عنواناً:(حامي الديمقراطية. أو مازاريك يتكلم)
من قرأ هذا الكتاب سمع أفلاطون وأرسطو يتكلمان في العصر الحديث؛ غير أن الإيمان