تكوين النهضة الوطنية، أو هو نفسه لا يقيس الوطنية إلا بمقياس العاطفة، وما كانت العاطفة في يوم من الأيام إحدى الدعامات في بناء راسخ!
ولكن الأزهر الآن يؤدي مهمته كما كان يؤديها في الغابر من تلقين ما للماضي من ثقافة؛ وربما يدَّعى أن هذا التلقين وحده لا يعد الناشئة للكفاح في الحاضر ولا يقرب فهم المسائل الدينية والاجتماعية من ضوء الواقع الحالي، فذلك التلقين لا يفي لهذا بالغاية من وجود الأزهر، لأنه أداء جزء من مهمة يجب أن يتصل به تواً أداء البقية وهي ربط الحاضر بالماضي. وهذا هو الطريق العملي، فيما أظن، لتحقيق غاية الأزهر التهذيبية والدينية
ربط الحاضر بالماضي ليس معناه ضم ثقافة أجنبية جديدة على حدة إلى ثقافة الماضي، وإضافة علوم حديثة مستقلة إلى ما كان للأمة في الأزمان الغابرة، وإنما هو السير في البحث العلمي على أثاث الثقافة الموروثة، ولكن في ضوء مقتضيات العصر الحاضر. وهذا السير يتطلب التخصص في العلوم المختلفة ولكن في موضوعات الفن الواحد. فمثلا في الفقه يجب أن يكون هناك أساتذة فنيون في موضوعاته مزودون بثقافة أخرى لها ارتباط وثيق بالموضوع المتخصص فيه. فيجب أن نرى أساتذة في الفقه الجنائي، وهو يشمل على سبيل التقريب: الديات وفرض مبدأ التعويض المالي. التعزير بالحبس. القصاص. إعفاء الوالي من إقامة الحد إذا رأى المصلحة العامة في ذلك. . . وأساتذة في الفقه المدني والتجاري، وهو يشمل على سبيل التقريب: عقود البيع، نظرية الربا وربط الفائدة. الرهن. الايجارة، الشفعة. عقود الشركات المختلفة. مبدأ الضمان والكفالة. الهبة. الوصية. . . وأساتذة في فقه الأحوال الشخصية، وهو يشمل على سبيل التقريب: عقد النكاح، حقوق الأسرة. النفقة، الإرث، نظرية إثبات النسب والتبني وعلاقة ذلك بالمجتمع وتكوين الأسرة. نظرية الحضانة الفردية وارتباطها بنظرية قيام الدولة بالعناية بالأطفال إجبارياً لشقاق في العائلة أو طروء جنون على أحد الزوجين أو مشاكل ذلك. . . وأساتذة في الفقه الإداري والسياسي، وهو يشمل على سبيل التقريب: معاملة الأجانب ونظرية الأقلية في اعتبارها هيئة منعزلة لها احترام عاداتها ما لم تخل بنظام الأكثرية وعليها ضريبة (الجزية) للقيام برعايتها وحفظ مصالحها. مبدأ الجهاد. قوانين الأسر والعتق. مبدأ الشورى في نظام الحكم الداخلي. مبدأ التفويض للوالي. الاستقلال في السياسة الخارجية