فأخذت ابكي وأرتعش كالطفل قائلا: ويلاه، أريد أن أصرح، ولكن هل ذلك بإمكاني؟ أعفني من هذه المهمة لأنها تفوق طاقتي
فقالت، ولا صوت لها: وما أهميتك أنت يا زارا قل كلمتك وتحطم
فقلت: أهي كلمتي ما يهم، فمن أكون أنا؟ إنني انتظر من هو أجدر مني بإعلانها وما أنا أهل لأصطدم بالمنتظر فأنحطم عليه
فقالت، ولا صوت لها: وما أهميتك أنت مادمت لم تصل بعد إلى ما أريده من الاتضاع؟ وما أقسى ما يتشح به الاتضاع، وما أصلب جلده
فقلت: لقد تحمل جلدي اتضاعي كثيراً؛ فأنا ساكن عند قاعدة ارتفاعي ولم يدلني أحد بعد على ذراه العاليات، ولكنني تمكنت من سبر أغواري ومعرفتها.
فقالت، ولا صوت لها: أي زارا، وأنت المعد لنقل الجبال من مكان إلى مكان. أفما بوسعك أن تنقل أغوارك ومهاويك أيضاً؟
فقلت: لم تنقل كلمتي الجبال بعد، فإن ما قلته لم يبلغ حتى آذان الناس، لقد أتيت إلى العالم غير أنني لم أتصل به بعد.
فقالت، ولا صوت لها: وما يدريك. .؟ إن الندى يتساقط على العشب في أشد أوقات الليل سكوتاً.
فأجبت: لقد هزأ الناس بي عندما اكتشفت طريقي ومشيت عليها، والحق أن رجلي كانت ترتجفان إذ ذاك، فقال لي الناس: لقد ضللت سبيلك يا زارا، بل أصبحت لا تعرف أن تنقل خطاك
فقالت، ولا صوت لها: وأية أهمية لسخريتهم؟ لقد تخلصت من الطاعة يا زارا فوجب عليك أن تأمر الآن. أفلا تعلم أن من يحتاج الجميع إليه بأكثر من احتياجهم إلى أي شيء إنما هو من يقضي في عظائم الأمور؟
إن القيام بالكبائر صعب، وأصعب من هذا أن يأمر الإنسان بها. إن ذنبك الذي لا يغتفر هو أنك ذو سلطان ولا تريد أن تحكم
قلت: ليس لي صوت الأسد لأصدر أوامري
فقالت - كأنها تهمس همسا -: لا يثير العاصفة إلا الكلمات التي لا صوت لها؛ إن من يدير