أئِنُّ ومن أهواه يسمع أنتي ... ويدعو غرامي وجده فيجيب
وأبكي فيبكي مسعداً لي فيلتقي ... شهيق وأنفاس له ونحيب
ومن جملة ما ألف ياقوت من الكتب ثلاثة مطبوعة، أولها (معجم البلدان) وثانيها (المشترك وضعاً والمختلف صقعاً) وثالثها (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب) أو طبقات الأدباء. رتب معجم البلدان على حروف المعجم وذكر فيه أسماء البلدان والجبال والأودية والقيعان، والقرى والمحال والأوكان والبحار والأنهار والغدران والأصنام والأوثان مضبوطة بالشكل. واعتمد في تأليفه على من كتب قبله في الجغرافيا من العرب، وعلى اللغويين ودواوين العرب والمحدثين وتواريخ أهل الأدب، والتقط من أفواه الرواة وتفاريق الكتب، وما شاهده في أسفاره وحققه بنفسه من أسماء البلدان ما عظمت به فائدته. وفي كل ما كتب ظهرت إجادته وما ينقله عن غيره قد يكون فيه نظر، ويتبرأ هو من عهدته. فقد قال مثلاً في مدينة الصفر: ولها قصة بعيدة من الصحة لمفارقتها العادة، وأنا بريء من عهدتها، إنما أكتب ما وجدته في الكتب المشهورة التي دونها العقلاء. وقال فيما نقل عن الصين: هذا شيء من أخبار الصين الأقصى ذكرته كما وجدته لا أضمن صحته، فإن كان صحيحاً فقد ظفرت بالغرض وإن كان كذباً فتعرف ما تقوله الناس، فان هذه بلاد شاسعة ما رأينا من مضى إليها فأوغل فيها وإنما يقصد التجار أطرافها. فكأن ياقوت بما ينقل من الأوهام والخرافات إلى جانب الحقائق الثابتة يريد ألا يخلي كتابه من كل أطروفة ولو كانت سخيفة ليستفيد منه الجاهل، ويتفكه به العالم، ويتعلم المتعلم الأديب، ويقتبس الباحث. وتوسع خاصة في الكلام على المدن التي أنشأتها العرب وحرص على الإلمام بأخبار فتوح البلاد وحاصلاتها وأموالها وعمرانها وعادياتها ومصانعها وأخلاق أهلها، وما وقع فيها من الوقائع التاريخية المهمة وما قيل فيها من الأشعار البديعة، فأمتع قارئه بكل مفيد، بحسب ما وصل إليه علمه وعلم جيله، أو قرأه في كتاب، أو استقراه بنفسه ونقله عن الثقات. وهذا القسم جماع ما في معجمه مما أدركه في عصره، أو اقتبسه من الأصول المتقنة في خزائن مرو، قال: وكانت سهلة التناول لا يفارق منزلي منها مجلد وأكثر، وبغير رهن تكون قيمتها مائتي دينار. وما كان يفارق مرو لولا ما عرا من ورود التتر إلى تلك البلاد، وما كان لهم من الأثر القبيح في خرابها. ويتألف من الأبيات والقصائد التي استشهد بها ياقوت في معجم البلدان ديوان