للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جميل، يحوي كل ما يفيد من رائق الشعر، وكذلك من عجائب البلدان الخليقة وأخلاق الناس، ودرجة الرفاهية والثروة في عصره، وأفاض في كلامه على البلدان بذكر من خرج منها أو نسب إليها من الأعيان، ولا سيما رجال الحديث. وكتابه خاص ببلاد الإسلام والشرق وذكر بعض أسماء المدن في بلاد الإفرنج وهو يتحفظ فيما ينقل عن حال البلاد الأخرى. ومما قال في الروم: (وفي أخبار بلاد الروم أسماء عجزت عن تحقيقها وضبطها فليعذر الناظر في كتابي هذا، ومن كان عنده أهلية ومعرفة، وقتل شيئاً منها عليَّ، فقد أذنت له في إصلاحه مأجوراً)

أما كتاب (المشترك وضعاً والمفترق صقعاً) فقد انتزعه بنفسه من معجم البلدان، واقتصر فيه على ما اتفق من أسماء البقاع لفظاً وخطا، ووافق شكلاً ونقطا، واقترن مكاناً ومحلاً، توفيراً لوقت المطالع الذي يحب السرعة في تلقف الفوائد، وبعداً به عما ذكره في معجمه الكبير من الاشتقاق والشواهد والنكت والفوائد والأخبار والأشعار. ودعا ياقوت على من يختصر بعده كتابه معجم البلدان، وما خلا مع هذا من بضعة مؤلفين حاولوا ذلك وفيهم صفي الدين عبد المؤمن سمى مؤلفه (مراصد الاطلاع) قال ياقوت في الكلام على اختصار كتابه: اعلم أن المختصر لكتاب كمن أقدم على خلق سويّ فقطع أطرافه فتركه أشل اليدين أبتر الرجلين، أعمى العينين، أصلم الأذنين، أو كمن سلب امرأة حليها فتركها عاطلاً، أو كالذي سلب الكمي سلاحه فتركه أعزل راجلاً. وقد حكي عن الجاحظ أنه صنف كتاباً وبوبه أبواباً، فأخذه بعض أهل عصره فحذف منه أشياء وجعله أشلاء، فأحضره وقال له: يا هذا إن المصنف كالمصور، وإني قد صنفت في تصنيفي صورة كانت لها عينان فعورتهما، أعمى الله عينيك، وكان لها أذنان فصلمتهما، صلم الله أذنيك، وكان لها يدان فقطعتهما، قطع الله يديك، حتى عدَّ أعضاء الصورة. فاعتذر إليه الرجل بجهله هذا المقدار، وتاب إليه عن المعاودة إلى مثله

بقي أن نطلق القول في كتاب ياقوت الثالث وهو (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب) وقد جمع فيه ما وقع إليه من أخبار النحويين واللغويين والنسابين والقراء المشهورين والإخباريين والمؤرخين والوراقين المعروفين والكتاب المشهورين وأصحاب الرسائل المدونة وأرباب الخطوط المنسوبة وكل من صنف في الأدب تصنيفاً، مثبتاً وفياتهم

<<  <  ج:
ص:  >  >>