ومواليدهم وتصانيفهم وأخبارهم وأنسابهم وأشعارهم. قال: فأما من لقيته أو لقيت من لقيه، فأورد لك من أخباره وحقائق أموره مالا أترك لك بعده تشوقاً إلى شيء من خبره. وقال جمع للبصريين والكوفيين والبغداديين والخراسانيين والحجازيين واليمنيين والمصريين والشاميين والمغربيين وغيرهم على اختلاف البلدان، وذلك على حروف المعجم أيضاً. وقال في الاعتذار عن نفسه، وعمن يقول له إن الاشتغال بأمر الدين أهم:(إن هذه أخبار قوم عنهم أخذ القرآن والحديث، وبصناعتهم تنال الإمارة ويستقيم أمر السلطان والوزارة وبعلمهم يتم الإسلام، وباستنباطهم يعرف الحلال من الحرام) وإن كتابه هو علم الملوك والوزراء والكبراء يجعلونه ربيعاً لقلوبهم، ونزهة لنفوسهم.
وإرشاد الأريب من أوسع كتب التراجم؛ وقد لا تتعادل التراجم فيه، فيكتب في الرجل العشرين والثلاثين صفحة حتى لم يبق زيادة لمستزيد؛ وقد يكتب في العظيم أيضاً أسطراً معدودة وخصوصاً في أواخر الكتاب حتى ليظن من لم يقف على ترجمة المترجم به أنه من المغمورين. وما أدري إن كان أتى ذلك من المؤلف أم من النساخ والناشرين. وعلى كل فإرشاد الأريب أو الجزء الذي طبع منه كنز ثمين للأدب، ومنجم فيه الركاز والذهب، فرائد يلتقطها صاحبها ولا سيما وأن ياقوت نقل كتب جليلة ضاع بعضها على نحو ما نقل من كتب مرو وقال إن أكثر فوائد معجم البلدان منقول من خزائنها
وقال في كتابه إرشاد الأريب أيضا: وربما قال بعضهم إنه تصنيف روميّ مملوك، وما عسى أن يأتي به؟ إن القوم لا ينظرون ما قيل إنما يسألون عمن قال. ولو عاش ياقوت ورأى بعد أكثر من سبعة قرون كتابيه معجم الأدباء ومعجم البلدان اللذين لا يستغني عنهما باحث ولا أديب وأنهما من الكتب الأمهات التي حوت كل طريف مفيد تزيد على القرون حسناً وتتبين حاجة الناس إليها، لأغتبط وعرف أن ما كان يقوله الناس فيه، قالوه في أمثاله في كل عصر ثم ذهب لغط المتقولين والطاعنين وثبت علم العالمين والمتأدبين والباحثين