الدين وأنا، تعلقت بنا النظار ودارت حولنا الأبصار، وحفّ بنا شباب يسلمون علينا. فقلنا: وعليكم السلام يا إخواننا. . . فما راعنا إلا أنهم ضحكوا وضحك الحاضرون. . .
فقلت لأحدهم: من فضلك قل لي، لماذا تضحك؟
هل تجد في هيئتي ما يضحك يا سيدي؟
فازداد الخبيث ضحكا، فهممت به. فوثب الحاضرون وقالوا: يا للعجب! أتضرب فتاة؟
قلت: وا فضيحتاه! فتيات بسراويل (بنطالونات) وحلل (بذلات)؟ وأين الشعر وأين اللحم؟
قالوا: أنت في لبنان
قلت: عفواً، لقد حسبت أني في لبنان
وفررنا ونحن مستحيون. نحاول ألا نعيدها كرّة أخرى ولما خرجت في الليل لمحت في طريقي واحدة من هؤلاء النسوة فحيتني، فقلت لها: مساء الخير يا مدموازيل
فقالت: مادموازيل إيه يا وقح؟
قلت في نفسي إنها متزوجة وقد ساءها أن دعوتها بالمدموزايل (الآنسة) وأسرعت فتداركت الخطأ وقلت: بردون مدام
قالت: مدام في عينك قليل الأدب، بأي حق تمزح معي أنا (فلان) المحامي
قلت: بردون، بردون
ووليت هارباً، فذهبت إلى صاحب الأوتيل فرجوته أن يعمل لنا طريقة للتفريق بين الرجل والمرأة، فدهش مني ووجم لحظة؛ ثم قدر أني امزح فانطلق ضاحكا
قلت: إني لا أمزح، ولكني أقول الجدّ وقصصت عليه القصة. . .
قال: وماذا نعمل؟
قلت: لوحات صغيرة مثلا من النحاس، كالتي توضع على السيارات لبيان رقمها، أو على الدراجات. . . يكتب عليها رجل. امرأة. تعلق في الصدر تحت الثدي الأيسر أو تتخذ حلية من الذهب أو الفضة عليها صورة ديك مثلا أو دجاجة، أو. . . أو شاة أو خروف، أو شيء آخر من علامات التذكير والتأنيث. . .
فراقه اقتراحي وقبله على أنه نكتة، ولكنه لم يفكر بالعمل به لأنه لم يجد حاجة إلى هذا التفريق ما دام المذهب الجديد يقول بمساواة الجنسين؟