الكبير، وأشرفنا على وادي (صوفر - حمانا) العظيم أوسع أودية لبنان وأجملها وقد أزدهى بالصنوبر وانتثرت على سفوحه عشرات القرى ولاحت مبانيها العظيمة وقصورها الشمّ
والروابي توسدت راحة السح ... ب ونامت على وشاح مرفق
والذرى البيض في العلاء نسور ... حومت تكشف الخفي المغلق
نشرت في الفضاء أجنحها الزه ... ر فأسنى بها الوجود وأشرق
والقرى غلغلت بأخبية الغي ... ب وضاعت بين الغمام المنمق
والينابيع ضاحكات من الزه ... وترامى فيها السنا وتألق
وتراءى البحر البعيد كحلم=مبهم راجف الخيال ملفق
سرقته السماء في الأفق النا ... ئي فمن أبصر الخضمات تسرق
تمر على الإنسان ساعات بل لحظات ينسى فيها العالم المادي، وهذه الحياة القصيرة الناقصة، ويحس كأنه يعيش بنفسه حياة أكمل وأجمل، تخالط نفسه مشاعر لا عهد له بها، ولا يقدر على وصفها، وتغمر قلبه لذة لا يعرف أي شيء هي، فيشعر أنه انتقل إلى عالم سحري جني عجيب، كهذه اللحظات التي تمر علينا في غمرة التأمل النفسي، أو في هزة الموسيقى، أو في نشوة الحب، أو حين الاستغراق في العبادة والمناجاة. . .
هذه هي اللحظات التي تمرّ عليك حين تشرف وادي (صوفر - حمانا) أو تجلس في الشاغور، أو تصعد إلى عين الصحة في فالوغا. . .
لست أريد الدعاية للبنان، وما لبنان في حاجة إلى دعاية، وما في لبنان سرير في فندق، أو غرفة في دار إلا وقد امتلأت حتى أننا لم نجد في صوفر وقد وصلناها ليلا مكاناً نبيت فيه، وكلما دخلنا فندقاً خرجنا منه بخفي صاحبنا حنين الاسكاف. . . حتى قادنا المطاف إلى فندق لطيف معتزل، قاعد في منتصف الطريق بين صوفر وبحمدون، ولم يكن بعده فندق نأوي إليه. فتعلقنا بصاحبه، وتوسلنا إليه وأطمعناه حتى رضى أن يعد لنا مكاناً في الردهة (الصالون) فقبلنا، ووضعت لنا سرُرُ صغار كسرر الجند وطلبة المدارس الداخلية جاء بها من بيته، فحمدنا الله عليها
ولما دخلنا الأوتيل: عمامتان عاليتان على رأسي البهجتين: بهجة العراق وبهجة الشام، وعقال نجدي فخم على هامة أمير من أمراء نجد، ونحن الاثنان (المطربشان) الأستاذ عز