تكون أنت في قلبه، وما يكون هو في قلبك، وأنت حين تكون في لبنان الغربي تجد يد الإنسان لم تبق من جمال الطبيعة إلا قليلاً، وتجد أكثره في المدن الكبرى، ولكنك حين تكون في لبنان الشرقي تجد الطبيعة الحلوة الفاتنة التي لم تبدلها يد الإنسان، وإنما أحاطتها بإطار يحفظها ويظهر جمالها
وقد زعموا الجبلين جبلاً واحداً، صدعته حوادث أرضية (جيولوجية) من زمن قديم، لا أدري متى كان لأني لم أدركه ولا أدركه أبي، أعني آدم عليه السلام الذي توفى في الأمس القريب. وعلى ذكر آدم. . . أليس من العار علينا أن نقيم حفلات الذكرى والتكريم لفلان وفلان ممن خدموا البشرية وننسى هذا الرجل العظيم الذي كان له اكبر الأثر في خدمة البشر؛ ولم لا يفكر الناس في إقامة حفلة تذكارية كبيرة لهذا الرجل، يشترك فيها عارفوا فضله، ومن (بقي) حقيقة من نسله؟
قلت: إن الجبلين كانا جبلاً واحداً، والأمتين فيها أمة واحدة، ولكنك واجد في هذه المسافة التي لا تتجاوز الساعتين جمهوريتين مختلفتين، وعَلَمين متباينين، وحدوداً كحدود ألمانيا وفرنسا. . .
ألقاب مملكة. . . . . .
وسبحان خالق الهر، وخالق الأسد، وخالق كل شيء!
وأنخنا رواحلنا (أعني وقفنا سيارتنا، ولم يكن معنا رواحل ولا راحل) في شتورة، عروس السهل، نستريح فيها قليلاً قبل أن نتسلق بالسيارة الجبل الذي لا تبلغ الطير ذراه، ونصبح في نصف طريق السماء. وإذا أنت شئت أن تتصوّر مبلغ ما نعلو، فتصوّر شارعاً طوله قرابة كيلين اثنين، قد وقف على رأسه، وكنت أنت فوقه تطلّ على الدنيا من عل. . .
علونا في جبال شجراء ضاحكة، نجتاز القرى المتناثرة على السفوح والذرى ونرى الينابيع تتدفق من أعالي الصخور، وتسيل في بطون الأودية حالمة سكرى. وما زلنا في علو ولفّ ودوران، حتى بلغنا ظهر البيدر حيث صرنا فوق السحاب، لا على المجاز أو المبالغة كما يقول الشعراء، بل على الحقيقة التي يشاهدها الناس فقد كان السحاب يمسّ الذرى التي تحتنا ويلفح وجوهنا ويحجب عنا السهل والسفوح، وكنا نعلو عليه أحياناً فلا يبلغنا ولا يمسنا، ونراه يمر من تحتنا، أشبه شيء بالغبار الأبيض تحمله الريح. حتى درنا تلك الدورة