لسان الفتى خنق الفتى حين يجهل ... وكل امرئ ما بين فكيه مقتل
إذا ما لسان المرء اكثر هذره ... فذاك لسان بالبلاء موكل
وكم فاتحٍ أبواب شر لنفسه ... إذا لم يكن قُفل على فيه مُقفل
كذا من رمى يوماً شرارات لفظه ... تلقته نيران الجوابات تشعَل
ومن لم يُقيّد لفظه متجمّلاً ... سيطلق فيه كل ما ليسَ يجمل
ومن لم يكن في فيه ماء صيانةٍ ... فمن وجهه غصن المهابة يذبلُ
فلمْ تحسبنَّ الفضل في الحلم وحده ... بل الجهل في بعض الأحايين أفضل
ومن ينتصرْ ممن بغى فهو ما بغى ... وشرّ المسيئين الذي هو أوّلُ
وقد أوجب الله القصاص بعدله ... ولله حكم في العقوبات منزلُ
فان كان قولٌ قد أصابَ مقاتلاً ... فان جواب القول أدهى وأقتل
وقد قيل في حفظ اللسان وخزنه ... مسائل من كل الفضائل أكملُ
ومن لم تقرّ به سلامةُ غيبهِ ... فقربانُهُ في الوجه لا يتقبّل
ومن يتخذ سوء التخلف عادةً ... فليس لديه في عتاب مُعوَّلُ
ومن كثرت منه الوقيعة طالباً ... بها عزّةً فهو المهين المذلّلُ
وعدلٌ مكافأة المسيء بفعله ... فماذا على من في القضية يعدل
ولا فضل في الحسنى إلى من يخسها ... بلى عند من يزكّو لديه التفضل
ومن جعل التعريض محصول مزحه ... فذاك على المقتِ المصرّح يحصلُ
ومن أمن الآفات عجباً برأيه ... أحاطت به الآفات من حيث يجهل
أعلمكم ما علمتني تجاربي ... وقد قال قبلي قائل متمثّل:
إذا قلت قولاً كنت رهن جوابه ... فحاذر جواب السوء إن كنت تعقل
إذا شئت أن تحيا سعيداً مسلماً ... فدبّر وميّز ما تقول وتفعل
وذكر له الخطيب أبياتاً ثلاثة تدل على ارتباكه في الهوى وهي:
ما جفاني من كان لي أنِساً ... أنِست شوقاً ببعض أسبابهْ
كمثل يعقوب بعد يوسف إذ حنْ ... ن إلى شمّ بعض أثوابهْ
دخلتُ باب الهوى ولى بَصرٌ ... وفي خروجي عميتُ عن بابِهْ