عندها يشمت الذي لم تصله ... ويكون الذي وصلتَ خليلا
رأيت الهلال ووجه الحبيب ... فكانا هلالين عند النظر
فلم أدر من حيرِتي فيهما ... هلال الدجى من هلال البشر
ولولا التورّد في الوجنتين ... وما راعني من سواد الشعر
لكنت أظن الهلال الحبيبَ ... وكنتُ أظن الحبيبَ القمر
وذاك يغيبُ وذا حاضر ... وما من يغيبْ كما من حضر
ومما ذكره له ياقوت الحمويّ:
شاقني الأهل لم تشقني الديار ... والهوى صائر إلى حيث صاروا
جيرة فرقتهم غربة البي ... ن وبين القلوب ذاك الجوارُ
كم أناس رعوا لنا حين غابوا ... . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إلى آخر الأبيات المتقدّم ذكرها منقولة عن الوفيات
فلا تمنَّ بتلفيق تَكلَّفُهُ=لصورةٍ حسنها الأصلي يكفيها
إن الدنانير لا تجلى وإن عتقت ... ولا تزاد على الحسن الذي فيها
وأورد له الخطيب:
بأبي أنتَ من مَلولٍ ألوف ... رُضتني بالأمان والتخويفِ
حار عقلي في حكمك الجائر العد ... ل وفي خلقك الجليل اللطيفِ
أنتَ بالخصر والمؤزّر تحكي ... قوّة الشوق بالفؤاد الضعيفِ
ليس عن خبرة وصفتك لكن ... حركات دلّت على الموصوفِ
لك وجه كأنه البدر في التم ... م عليه تطرّق من كسوف
وأغرب ما في الحياة هذا الرجل المشهور بمزاورة اللذات وملابسة الشهوات وقوفه موقف الحكيم المتنصح والعفيف المتنطس فتسمع منه قوله:
كم شهوة مستقرّة فرحاً ... قد انجلت عن حلول آفاتِ
وكم جهول تراه مشترياً ... سرور وقتٍ بغم أوقات
كم شهوات سلبن صاحبها ... ثوب الديانات والمروءات
وقد جمع جملة من الحكم وأشتاتاً من الأخلاق وركاماً من التجارب في قوله: