للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بينما كان (لاهو - تسيه) يرى أن التنسك والزهادة واحتقار الحياة العملية هي الوسيلة لهذا الإنقاذ المفتقد، كان (كونفيشيوس) يعلن أن الوسيلة الوحيدة لهذه النجاة هي العناية الفائقة بتنظيم الحياة العملية على أساس الخير الأخلاقي الذي ينتهي حتما إلى الصلاح الاجتماعي، وصرح أن الاهتمام بالعمران المنظم والقضاء على الرذائل التي تنخر في بناء صرحه هما وحدهما الكفيلان بإعادة الرفاهية والهدوء إلى الدولة، وقد كان من المفهوم بعد تأسيس هذا الخلاف أن يتسع البون بين هذين المذهبين في أكثر نظرياتهما الهامة، وهذا هو الذي حدث بالفعل

غير أنه ينبغي لنا أن نشير إلى أن محاولة حل هذه المشكلة ليست من مستحدثات هذين الفيلسوفين، وإنما هي محاولة قديمة ترجع إلى عصر ما قبل التاريخ؛ غاية ما هنالك أن ذلك الخلاف كان في الماضي نظرياً فحسب، لأن البلاد لم تكن قد هوت بعد في هذا التدهور، أما في هذا العصر فقد أضحت هذه المشكلة عملية يجب الاعتناء بها

الآن وبعد أن ألمعنا إلى هذين الفيلسوفين هذه الالماعة العاجلة نريد أن نتناولهما في شيء من التفصيل بادئين بأولهما

لاهو - تسيه

حياته

ليست هذه الكلمة اسمه ولا اسم أسرته، وإنما معناها: (الأستاذ القديم) أو (العالم القديم) أو (الحكيم القديم)؛ أما اسمه الحقيقي، فهو (بي - يانج)، واسم أسرته (لي) وقد دعاه الناس بعد موته: (تان)، وهو لقب مشرف كان الصينيون يطلقونه على الحكماء بعد موتهم

ولد هذا الحكيم في سنة ٦٠٤ قبل المسيح في قرية (كيو - جين) بمملكة (تشو) التي هي الآن في مقاطعة (أونان) وكل ما يعرفه التاريخ الصحيح عن حياته هو ما يحدثنا به (سي - ما - تسيان) أقدم مؤرخ صيني من أنه أمضى الأكثرية الغالبة من حياته في (تشو). وفي أواخر حياته عين مديراً لدار المحفوظات الملكية، ولكن أحداً لا يعرف ما هي الوظائف التي شغلها هذا الحكيم قبل هذه الإدارة ولا كم سنة قضاها فيها، وإنما روى لنا هذا المؤرخ انه حينما تقدمت به السن اعتزل الخدمة في الحكومة، وانسحب إلى وادي

<<  <  ج:
ص:  >  >>