بقليل عندما يتتبع العرق حتى يصل إلى النيل. وسيبدو لنا ابن خلدون أكثر دقة عند كلامه عن شعوب البربر، وقد أردت أن أبدأ بوصف جونستون لهذه الشعوب ثم أتبعه بوصف ابن خلدون؛ وسنرى بعد قراءة الوصفين أن ابن خلدون على تقدم عصره كان أجمل وصفاً وأدق تعبيراً من جونستون. ولا غرو فابن خلدون ابن تلك الفيافي والبلاد. وسنأتي الآن بتقسيم جونستون لجماعات البربر: في أوائل القرن السابع كان الجنس الليبي أو بربر شمال أفريقية الذين كانوا يسكنون كل المنطقة بين الحدود الغربية لمصر (بعد واحة سيوه) شرقاً وساحل مراكش غرباً ينقسمون إلى: -
(١) البربر الشرقيون أو الليبيون (لواتا وهوارة وأوريغا ونفوسة ويسكنون قيرينيقا وطرابلس وتونس وجزءاً من شرق الجزائر
(٢) البربر الغربيون أو صنهاجة وكانوا يشغلون سواحل الجزائر وغربيها وكل مراكش حتى يصلوا إلى حدود الصحراء جنوبا
(٣) أقتم لوناً وقد انحدروا من وقد يتصلون في الأصل بالغولا الذين سكنوا في القرن السابع أجزاءً كانت تقل أو تكثر من الإقليم الصحراوي جنوب الجزائر وتونس ومراكش ومن زناتة انحدر البربر المزاب الحديثون وقبائل الورجلي وبنو مرين الذين أسسوا أسرة حكمت البربر فيما بعد
وقد دفع كثير من زناتة السود إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط في فترات مختلفة، كما أن كثيرين من البربر الشرقيين أو الليبيين قد دفعوا إلى قلب الصحراء تحت تأثير العرب الفاتحين ومنهم نشأت مزقة الطوارق فيما بعد. وكذلك هاجر كثيرون من البربر الغربيين أو الصنهاجيين في القرن السابع إلى الصحراء جنوباً واستقروا شمال نيجيريا وشمال حدود السنغال فليس هناك من شك أن كلمة (اسم قبيلة من قبائل البربر) قد أخذت من صنهاجة ثم حرّف البرتغاليون زناجا فيما بعد فأصبحت (سنغال)
وفي القرن السابع كذلك كانت هناك علاقات تجارية بين زنوج جنوب وشرق ليبيا ووصلت هذه العلاقات حتى كانم وبحيرة شاد ودارفور وكردفان، فكانت هذه الطرق أكبر مسهل للعرب في فتوحهم المستقبلة للسودان وبلاد المغرب
هذا ملخص تقسيم جونستون لهذه القبائل. ولنر الآن ماذا يقول ابن خلدون في وصفها قال: