تمحيص التاريخ، بدت على أسلوبه الصحيح أعراض الغرابة
التي تلا زم اللغويين، والإعتداد الذي يساور العلماء.
ولا نحب أن نعرض لهذه الروح المنبثة في المنظارة (الطرطوشية) وأمثالها. فإنها بين عالمين جليلين لا يجهلان أن المن يفسد العلم، وأن شهوة التغلب تظلم الحقيقة، إنما نرغب إلى الأستاذ مسعود أن يوافقنا على أن حياة اللغة في أحياء اللفظ الذي لا نظير له في مألوف الكلام، أما استبدال صيغة مهجورة بصيغة مشهورة كاستعمال أشاغيل بدل شواغل، وطرآنية بدل طارئة، وصروح مكان صراحة، وقدور في موضع قدرة، ومشيوخاء بدلاً من شيوخ، فأحياء شر من الموت، وبيان أغمض من العي!!
التجديد والتقليد:
صديقنا الهراوي على تجديده ينكر التجديد، ويزعم إن كلمتي قديم وجديد ينقصهما التحديد، وكنت أحب أن أكون في جانبه حين قرأ في الأهرام (نفثات شاعر) لصديقه وزميله الأستاذ نسيم، إذن لأخذت إعترافه بأن في الشعر جديداً وقديماً، وأن الحطيئة قد يسمى عبد المطلب وقد يسمى نسيماً: وإلا فإلى من كان ينسب هذا الشعر لو لم ينشر تحته أسم صاحبه؟
وما زعزعتني الحادثان كشامخ ... رسا بهضاب فوقه واكام
وللدهر مرنان رددت سهامها ... وقابلتها من حعبتي بسهام
فقدت صديقي اللذين تبوآ ... من الشعر أعلى ذروة وسنام
وأصبحت في جيل نبا بي ودهم ... وساء ثوابي بينهم ومقامي
وليس لهم غيري إذا جد جدهم ... وخطب الرزايا حولهم مترام
ولو شئت كانت لي زعامة شعرهم ... وكنت لمن يأتم خير إمام
شوارد تزري بالحطيئة هاجيا ... وتعي جريرا في مديح هشام
له الحمد ثم الحمد ما ذر شارق ... وما در غيم بارق برهام
وما ذرعت بطحاء مكة أينق ... تحن بأرزام لها وبغام
وما شدت إلا كوار فوق متونها ... وقيدت بشزر محصد وزمام
وبعد فأن الشاعر الذي يجعل للشعر جبلا وجملا ويتخيل الهضاب والآكام والجعاب والسهام