للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سبب أو باعث آخر، ولهذا ترى أنصار السلم ينصحون بالسكينة واتزان الأعصاب وضبط النفس والحرص على ذلك مهما بلغ قوة الشعور بالاستفزاز

وأسوأ ما في الحالة أن الحرب تدور رحاها شيئاً فشيئاً وفي مكان بعد مكان حتى ليخشى أن تنتشر وتعم الدنيا؛ ونارها توقد بلا إعلان. ففي أسبانيا لا تدور الحرب بين فئتين من الأمة وإنما هي بين دول شتى في الحقيقة لكل منها مأربها وغايتها وسلاحها الذي تجربه وتختبر فعله وغناءه. وفي الصين قامت الحرب بلا إنذار أو إعلان وقد تضطر دولة أو دول أخرى غير الفريقين المتحاربين أن تخوضها معهما فتتسع الدائرة ويعظم الخطب ولا يؤمن اندلاع النار في قارات أخرى. فإذا ظل هذا يحدث في رقعة بعد رقعة من الأرض فماذا يكون المصير؟ وحيال هذه الحالة لا ندري كيف يسع إنساناً أن يطمئن إلى استقرار السلم وإمكان تفادي الحرب؟ إن كل ما يسعى له أنصار السلم والمشفقون على العالم وحضارته هو أن يحصروا هذه الحروب في مناطقها حتى لا تعدوها أو تمتد إلى سواها كما يفعل رجال المطافئ حين يرون النار قد شبت في بيت أو مصنع، وليس هذا من التشبيه أو التمثيل فإنها النار هنا وههنا بلا فرق أو تفاوت سوى أن نار الحريق أهون من تلك التي يؤججها التدبير المحكم.

ومن العسير أن يتكهن المرء بشيء فقد صار العالم يعيش يوماً فيوماً فإذا مضى يوم ولم تتفاقم فيه أزمة ولم يستفحل فيه خلاف حمد الله وشكره ورجا أن يجيء الغد بما يفرج من الكرب أو يرجئه أو يلطفه على الأقل.

إبراهيم عبد القادر المازني

<<  <  ج:
ص:  >  >>