الشعب؛ وقد يكون فردياً كما في الحكومة الاستبدادية والتي هي مظنة الجور، وبالرغم من هذا يكون وفق ما تتطلبه المصلحة العامة في الأمة، إذ الواقع إنه في الحكم الديمقراطي قد لا تمثل الحكومة في أسلوب الحكم رأي الأكثرية وإنما تمثل قوة الزعيم الشخصية التي تمكنه من الاستيلاء على نفوس الأغلبية، أو الضعف النفسي للأغلبية التي يجعل قيادها سهلا والتحكم فيها أمراً هيناً.
وسواء اعتمدت تلك الطائفة حقاً في حكومتها وفي تعلقها بالنصوص القانونية على المبادئ الصحيحة للدين المسيحي أم على تعاليم الكنيسة أي تعاليم تلك الهيئة التي تمكنت باسم الدين وهو هو دائماً الوسيلة القوية في تملك الشعور الإنساني، من سيادة أرستقراطية دامت مدة طويلة، سواء أكان هذا أو ذاك فذلك بحث أخر خارج عما أريده هنا.
وهناك أيضاً ظاهرة ثالثة كانت أيضاً من مكونات طابع عصر القرون الوسطى، وهي اتجاه التعليم نحو الناحية التي كانت تقصد إلى الإنسانية المحضة ? وربما نشأت هذه الظاهرة من تلون الحكم والنصوص القانونية بلون ديني في ذلك الوقت، لأن الدين لا يعرف جنساً من البشر بعينه ولا يقصد إلى تهذيب أمة لكونها أمة مخصوصة، وإنما لكونها جماعة إنسانية، ولعلها كانت نتيجة لرغبة تحقيق الفكرة الإمبراطورية للكنيسة. وتحقيق مثل هذه الفكرة يتأثر تأثراً سلبياً بالدعاية لمبدأ التعليم القومي.
فالأمة الإنكليزية مثلاً في العصر الحديث - وكذا كل أمة لها سياسة استعمارية عالمية - تعلم الناشئة فيها سياسة الحكم الإمبراطوري والعمل لأداء (رسالة) إنجلترا في الإمبراطورية الإنكليزية على يد رجال الشعب الإنكليزي وحدهم، وهي تربية قومية محضة، ولكنها في الوقت نفسه تعلن خارج بلادها وفي حدود إمبراطوريتها تأييد التعليم الدولي وأن الغاية منه بلوغ الكمال في الإنسانية، لأن ذلك من الوسائل السلمية لضمان بقاء الاستعمار وضغط الشعور القومي في البلاد الخاضعة لها من طريق ظاهرة المحبة والإخلاص.
أما القانون الخلقي لهذا العصر فكان العمل للسلام الإنساني والاعتراف لكل من القوي والضعيف والمفكر والأبله وغير هؤلاء من نوعي الإنسان بالتمتع بالحياة كاملة على حد سواء. وربما كان ذلك نظرياً فقط لأن حوادث التعذيب التي تنسب إلى الجهة العليا يومئذ