أم إنها تعيش في العصر الحاضر لوجود هذا المظهر الشعبي؟ ولكن سياستها ليست سياسة الواقع ومراعاة المصالح القومية كما أن أسلوبها في التعليم هو الأسلوب الدولي، وقاعدتها الخلقية ليست إقرار مبدأ تنازع البقاء.
أم أنها تعيش في كلا العصرين؟ ولكن محال على أمة فتية رشيدة تسير في طريق التطور الطبيعي أن تجمع حكومتها بين الأضداد. وإذن لا بد أن تكون ظواهر أحد الطابعين خادعة
وأغلب ظني أن مصر لم تدخل بعد في العصر الحاضر صاحب الطابع الوطني؛ ولكنها تقطع الآن الفترة السابقة له، وهي فترة مملوءة بالأخطار الجسيمة التي تمس حيوية الشعب، فترة الحرية الكاذبة التي تطغي على كل ناحية من النواحي العقلية والخلقية وتتجاوز الحدود الطبيعية، فترة الرغبة في التخلص مما يسمى (قديماً) - وخير الوطن في التمسك به - والنزوع إلى الجديد المبهم غير المحدود الذي تلوكه الألسن ولا تفهمه عامة الشعب بل وكثير من خواصها - وهو لهذا خطر - فترة التحرر
فإذا قوي في الأمة شعور التمسك بالوطن وبالقديم؛ وقوي الشعور بالمحافظة على ما كان للأمة والاعتزاز به في أي ناحية، كان ذلك ابتداء الحياة في العصر الحاضر
محمد البهي قرقر
دكتور في الفلسفة وعلم النفس وعضو بعثة الأستاذ محمد