التدهور الذي كان ميزة عصره وخاصيته، وإذا لم يكن مذهبه قد أزهر فيما بعد كما أزهرت مذاهب الإغريق، فإن لذلك سببين: الأول أنه لم ينشئ في حياته مدرسة لنشر فلسفته، والسبب الثاني أن الطبيعة الصينية لم تكن تتلاءم مع تعاليمه المغالية في التنسك والسلبية، وهذا لم تكد فلسفته تعرف في أوربا حتى أزهرت في البيئات الاشراقية إزهاراً لم تعرف له نظيراً في منبتها الأصلي
(التاوايسم) أو (اللاهو - تسيه)
بعد أن توفي (لاهو - تسيه) نشأ من ميتافيزيكيته مذهبان: (التاوإيسم) الفلسفي و (التاوإيسم الديني)، وكلاهما نشأ من (تاو) وهو عنوان كتابه الذي أشرنا إليه. فأما (التاوايسم) الفلسفي فقد أنقسم فيه تلاميذ الحكيم إلى عدة أقسام، فبعضهم تخصص في دراسة المعرفة وما يمكن أن يحصله الإنسان منها، وهل هذا المتحصل مفيد أو غير مفيد. والبعض الأخر قصر بحثه على دراسة الظواهر الطبيعية وما تحتويه من أسرار، ولكن لما كان الجميع متأثرين برأي أستاذهم الذي أسلفناه، وهو القائل بأن (التاو) غير قابل للمدركية البشرية، فقد كان من الطبيعي أن يعلنوا أن العقل الإنساني قاصر على إدراك (المطلق) وبالتالي هو قاصر عن إدراك بعض الحقائق الموجودة
هناك فريق ثالث من تلاميذ هذا الحكيم لما يئسوا من إدراك العقل البشري لكنه (التاو) لم يجدوا أبداً من أن يعلنوا أن ما لم يدرك بالعقل، يدرك بوساطة السحر؛ وهنا نشأ مذهب (التاوإسيم) الديني وهو مزيج من قواعد سحرية، وتعاليم تصوفية، ولما كان هذا القسم الأخير لا يعنينا كثيراً في دراستنا الحاضرة فقد آثرنا أن نقصر إشارتنا هنا على (التاوايسم) الفلسفي ومن أشهر أولئك التلاميذ الذين أحيوا مذهب أستاذهم بعد موته وواصلوا سلسلة بحوثه هو (بين - سي) الذي سار على ضوء تعاليم أستاذه فكتب بحوثاً قيمة حول نظرية المعرفة ونقد العقل البشري وأبان قصوره عن إدراك (المطلق) ومن مشاهير هؤلاء التلاميذ أيضاً (لين - تسيه) الذي كان من أعلام عصره الإجلاء والذي كتب بحوثاً هامة حول كثير من المشاكل الفلسفية، ولكن مما يدعو إلى الأسف أن ما عثر عليه من مؤلفاته وجد مشوهاً متناقضاً مما يدل على أن بعض الأيدي قد عبثت به وقد عاش هذا الحكيم في القرن الخامس قبل المسيح.