للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

غير أننا سنرى أن نوع الحكم لم يكن له من التأثير قدر ما كان للثقافة الإسلامية العربية، فمهما أنتقل الحكم إلى أيدي الترك أو الإغريق او السلاف أو الزنوج المستعربين فإن الأثر الإسلامي والثقافة الإسلامية امتدت حتى شملت كل شمال أفريقية والسومال وسناو، ونوبيا وكردفان ودارفور وواداي وبورنو وأراضي الحوصا والصحراء ومعظم سينغمبيا وآفاقاً متسعة داخل حدود النيجر وعلى طول شواطئ الفلتا الأعلى كما أعتنق أهالي كل تلك الجهات الدين الجديد: دين الإسلام.

جهات نجهلها

ولقد كنت أحس عند قراءتي عن هذه المناطق لذة غريبة فلقد كنت أكشف لنفسي الأستار عن آفاق واسعة شاسعة من العالم الإسلامي يجهلها معظم المصريين وتجهلها برامج تعليم التاريخ في مدارسنا المصرية، ولكننا بعد هذا التمهيد نستطيع أن نصور الحالة التي كان عليها كل شمال أفريقية في هذه الكلمات:

كانت موجة التأثير الإسلامي تتسع طوال العصور الوسطى فتشمل كل يوم آفاقا جديدة من شمال أفريقية، وامتدت الموجة فشملت بعض الصور الحديثة؛ ولكن أوسع حلقة من حلقات هذه الموجة وآخرها تلاشت بانتهاء القرن التاسع عشر، وبتلاشيها تركت البربر المستعربين يحكمون شمال وشمال غرب أفريقية، والترك المسلمين يحكمون شمال شرق أفريقية، والزنوج المستعربين يحكمون النيجر والسودان الأوسط، وبعض العرب يحكمون النيل الأعلى وساحل نوبيا وعرب عمان واليمن وحضرموت يحكمون ساحل أفريقية الشرقي. وامتد نفوذهم إلى الداخل حتى وصل إلى إقليم البحيرات والكنغو الأعلى.

ولنتحدث الآن عن أثر الإسلام في بعض هذه الولايات كمثل للولايات الأخرى، وليكن حديثنا عن نيجريا والسودان الأوسط.

حضارة جديدة

كان لدخول الإسلام في أفريقية تأثير هام على سكانها وخاصة في السودان الغربي. ولم يقتصر تأثير الإسلام على التغيير الواضح الذي أحدثه في الأهلين من الناحية البشرية، بل لقد حمل معه إلى هؤلاء الأقوام حضارة جديدة منحت الأجناس الزنجية أخلاقاً وثقافة لا

<<  <  ج:
ص:  >  >>