للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في القرن الثامن عشر بعد قيام الغولا وهجوم الطوارق.

ويقول جونستون: (ولربما كانت مراكش تستطيع أن تغزو شمال أفريقية وتحكمه في القرن السادس عشر - لولا أن وصلها الترك. . .) - ونحن لا نستطيع أن نقر جونستون على هذا القول. . . إلا إذا كانت الحكومة القائمة في مراكش حينذاك قوية تستطيع أن ترد اعتداء الغرب عنها. . . ولكن الحقيقة أن الحكومة في كل بلاد الغرب في ذلك الوقت كانت ضعيفة أمام نشاط ممالك غرب أوربا وخاصة أسبانيا - فإنها بعد أن قضت على دولة الإسلام فيها سعت وراءه تطارده في شمال أفريقية وغربها. . . وجونستون نفسه يقول: (ولما استنجد أهل الجزائر وتونس بقراصنة الترك ضد اعتداءات مسيحي أسبانيا في القرن السادس عشر - انتهز سلطان الترك وأنشأ مناطق تركية في الجزائر سنة ١٥١٧ وفي تونس سنة ١٥٧٣ وفي طرابلس سنة ١٥٥١. . .)

في هذا القول نرى أن ثورة الغضب المسيحي في أسبانيا على المسلمين لم تكن قد هدأت؛ بل إننا لنحسها بين ثنايا كلمات جونستون قوية ملتهبة دفعت أهل المغرب للاستنجاد بالترك ورضوا نجدة القراصنة منهم. وحقيقة أن الترك الذين نزلوا بشمال أفريقية كانوا قراصنة لم يتعدوا الشاطئ إلى الداخل، ولم يمضوا إليهم أراضي وملكاً جديداً بل اكتفوا بمهنتهم القرصنة وسلب سفن المسيحيين. ولو أنهم حاولوا ملكاً في الجنوب لاستطاعوه، ولغدت أفريقية الشمالية كلها مسلمة إسلاماً حقاً متصلاً بالعالم الخارجي الآن؛ ولكنهم على كل حال حموا شمال أفريقية من الغرب الساحق الماحق هذه المدة الطويلة. وها نحن أولاء نسمع كل يوم اضطهاد الطليان والفرنسيين والأسبان للمسلمين في طرابلس وتونس والجزائر، ومع هذا فإن الإسلام في ذلك الحين لم تقف موجة انتشاره، بل كان مجرد الجوار أو الاتصال بين المسلمين والوثنيين في جميع قبائل السودان حتى حدود الكمرون - كان مجرد الاتصال كافياً لنشر الإسلام في تلك الجهات كما سنرى بعد.

لم تخضع مراكش كجاراتها للحكم التركي ولكنها تأثرت بنواح تركية مختلفة، فقد أخذت عن الترك نظام الملبس ونظام تعبئة الجيوش ولقب الباشا وغير ذلك من الأمور، ولكن مراكش بقيت مستقلة، بل لقد أعلن حاكمها المنصور نفسه خليفة سنة ١٥٣٨بعد انتصاره على البرتغال وبعد أن رأى الخلافة العباسية تنقرض من مصر، وتنتقل إلى تركية.

<<  <  ج:
ص:  >  >>