ويبرز واحد منا لألف ... فيغلبهم وتلك من الغرابه
وحقك ما تركت الشعر حتى ... رأيت البخل قد أوصى صحابه
وحتى زرت مشتاقاً حميمي ... فأبدى لي التهجم والكآبه
وظن زيارتي لطلاب شيء ... فأقصاني وغلّظ لي حجابه
وكان مظفر الذهبي مصوراً؛ ومن قوله:
كلفت بتصوير الدُّمي في شبيبتي ... وأتقنتها إتقان حر مهذب
وحاولت عنها رجعة ومدحتكم ... فلم أخل من تزويق زور مكذب
وكان نجم الدين يعقوب بن صابر منجنيقياً؛ ومن شعره:
كلفت بعلم المنجنيق ورميه ... لهدم الصياصي وافتتاح المرابط
وعدت إلى نظم القريض لشقوتي ... فلم أخل في الحالين من قصد حائط
قال ابن خلكان: كان ابن صابر المنجنيقي جندياً في ابتداء أمره، مقدماً على المنجنيقيين ببغداد، ولم يزل مغرىً بآداب السيف وصناعة السلاح والرياضة، ولم يلحقه أحد من أهل زمانه في فهمه لذلك، وصنف كتاباً سماه (عمدة السالك في سياسة الممالك) يتضمن أحوال الحروب وتعبئتها وفتح الثغور وبناء المعاقل، وأحوال الفروسية والهندسة والمصابرة على الحصار، والقلاع والرياضة الميدانية، والحيل الحربية الخ؛ وكان شريف النفس متواضعاً؛ وهو شاعر مجيد ذو معان مبتكرة، وجمع من شعره كتاباً سماه (مغاني المعاني) وكانت له منزلةً لطيفة عند الإمام الناصر، توفي سنة ٦٢٦، ولابن صابر:
قالوا بياض الشيب نور ساطع ... يكسو الوجوه مهابة وضياء
حتى سَرت وخَطاته في مفرقي ... فوددت ألاّ أفقدَ الظلماء
وعدلت وأستبقي الشباب تعللا ... بخضابها فصبغتها سوداء
لو أن لحية من يشيب صحيفة ... لمعاده ما اختارها بيضاء
ومن الأدباء المحترفين السراج الوراق وأبو الحسين الجزار ونصير الدين الحمامي. قال ابن حجة في (خزانته): (وتعاصر السراج هو وأبو الحسين الجزار والنصير الحمامي وتطارحوا كثيراً وساعدتهم صنائعهم وألقابهم في نظم التورية) ومن قول السراج الوراق:
يا خجلتي وصحائفي سود غدت ... وصحائف الأبرار في إشراق