وجه لمناقشته في هذا الاستبدال لأن القسم الاجتماعي بل القسم الأدبي والسياسي لا يتألف منهما الكتاب كله. فالمؤلف يستهل كتبه بنكات مسلية عن حياة الطبقة الوسطى في القاهرة - وهي حياة بسيطة ضيقة يعني أصحابها بأمور تافهة - وهم يقولون أن الشرقيين يقفون عند الأمور السطحية الخفيفة ولكن يوجد ثمة عدة حوادث وقعت للشاب محسن المتيم بحب جارته سنية الحسناء، وقد كان يجب أن يراعي جانب الإيجاز في الكلام عن هذا الموضوع. ثم أن الحادثين اللذين يطلق هذا التلميذ لسانه في الكلام عنهما منصرفاً عن تتمة تصريحاته الغرامية - يستطاع الاستغناء عنهما.
وبما أن الموضوع يدور على (عودة الريح) فقد كان يجب أن يبين المؤلف كيف فقدت تلك الروح. وهذه النقطة مصروف النظر عنها، ومهما يكن من الأمر فأن القسم الثاني من الكتاب وحوادثه تجري في إحدى ضواحي القاهرة في منزل والدي محسن يظهر لنا أنه أفضل قسم في الرواية، وفيه وصف لوالدي محسن اللذين كانا من أصحاب الأطيان الموسرين، بيد أنهما كانا أنانيين يعاملان الفلاح بقسوة.
ولدينا محاورة بين موظف بريطاني وعالم فرنسي تبين لنا الأماني الطامحة التي يمتاز بها هذا الجنس من البشر. فنحن نقرأ في الكتاب بعض عبارات تقتضي التأمل كالحديث الذي دار في القطار الذي سافر به محسن إلى أطيان والده، فإن أحد المسافرين وهو مصري الجنسية قال في عرض كلامه عن البلدان الأوربية (هذه بلدان خالية من الإخاء خلافاً لبلادنا حيث نرى الأقباط والمسلمين أخواناً)
وهذا الكلام موضوع نظر يبعث على التساؤل بعد مطالعة (مجموعة الكتاب المصريين باللغة الفرنسية) ورواية توفيق الحكيم عن الأفكار الأدبية الكبيرة، وعما إذا لم يكن الهدف الأسمى الديني، آخذاً في الانحطاط عن مستواه الأصلي في العالم، على أن الإنسان لا يسعه إلا إبداء الدهش من رؤية فضائل الدين الإسلامي القديمة مفقودة من هذه الكتب المختلفة وعدم اهتمام المؤلفين بها. ولم تنفرد أوربا بافتقارها إلى الحب الحقيقي وهو دون سواه قادر على تجديد شباب الأمم والنفوس)
وقد كتبت السيدة تريز هربان مقالاً عن رواية (عودة الروح) نشرته في جريدة (ليجور) وإليك بعض ما جاء فيه: