شيء أكثر من القصة والرواية، وقد كان التاريخ حتى عصر فراوسار يكاد يمتزج بالقصة والأسطورة دائماً، وكان لا يزال خاضعاً لوحي الكنيسة، وكان المؤرخون هم الرهبان غالباً، فكان التاريخ مزيجاً من الروايات التي يصوغها رجال الذين حسبما تملي أهواء الكنيسة، وكانت الملوكية والشعب والحروب والحوادث جميعاً ينظر إليها من هذه الناحية، ويحكم عليها طبقاً لهذه الروح، ولكن فراوسار استطاع أن يتحرر من هذه الروح وأن يكتب التاريخ على أنه سجل الحوادث الجارية. وقد دون حوادث عصره في كتاب شهير يعتبر من هذه الناحية ذا قيمة تاريخية خاصة، وهو تاريخ فرنسا وإنكلترا وعلائقهما في عصره؛ ويعرف هذا المؤلف عادة (بتاريخ فراوسار) ويعتقد أنه أول مؤلف فرنسي وضع نهج التاريخ الحديث ومهد لتطوره كرواية حرة للحوادث والشئون
ونستطيع أن نقارن فراوسار من هذه الناحية بمؤرخنا العظيم ابن خلدون، فكلاهما عاش في نفس العصر، وكلاهما استطاع قبل غيره أن يفهم روح التاريخ الحقة، وأن ينظر إليه من ناحية جديدة، وأن يعامله باعتبار أنه أكثر منقصة ورواية تخضع لتأثير العوامل الدينية أو السياسية، ولكن ابن خلدون كان بلا ريب أوسع آفاقاً من فراوسار؛ ولم يرتفع فراوسار أو غيره من المعاصرين إلى تلك الأفاق الرفيعة التي سما إليها ابن خلدون، والتي جعلت منه أول فيلسوف اجتماعي، وأول مؤسس لفلسفة التاريخ وأصول الاجتماع.
في نادي القلم العراقي
اجتمع نادي القلم العراقي مساء اليوم الثاني من هذا الشهر في دار أحد أعضائه السيد توفيق وهبي وتلا السكرتير رسالة وردت من نادي القلم الإنكليزي يطلب فيها ترشيح أحد كبار أدباء العراق لتعيينه عضو شرف أسوة بالأمم الممثلة فيه.
فقرر المجتمعون ترشيح معالي الأستاذ الشيخ محمد رضا الشبيبي رئيس نادي القلم العراقي وزير المعارف لهذه العضوية الفخرية وقد ألقى في هذا الاجتماع الدكتور متي عقراوي فصولاً من رسالة حول التعليم الإجباري فكانت مدار مناقشات دقيقة.