- وإن كانت لم تصرح ببواعث الزيارة - ذهبت ولم تعد؟. . وليس هذا فقط بل سمعنا من معارفنا أن هؤلاء الزائرات الخاطبات عبنني بكيت وكيت (وذكرت لي عيوباً ليس فيها شيء منها) وإن كل حديث جرى مع أبي في أمر الزواج انتهى بالانقطاع بلا سبب نعرفه) فلم يسعني إلا أن أرثي لها. فليس كل ما تعانيه إبطاء الحظ عليها بل شر من ذلك الإيلام الذي تحدثه صدمة الخيبة كلما نشأ الأمل. وقد كان من أثر ذلك أنها صارت تجنح إلى التمرد أحياناً على المجتمع وعلى حالاته وما يكون بين الناس فيه؛ فلولا أن لها من عقلها وحسن تربيتها وازعاً قوياً. . .
وقالت لي مرة وأنا ماض بها إلى بيت خالة لها:(شف. . . أنا لا أخرج قط إلا مع أبي أو أخي أو معك أحياناً. . ولكني واثقة أن الناس يعرفون وجهي ولا يعرفون صلتك بنا سيرونني اليوم واثقة أيضاً أنهم سيعتقدون أنك. . . أنك. . . غريب. . . وأني خارجة معك للنزهة أو. . . وأني باختصار بنت فاسدة الأخلاق. . . وواثقة فوق هذا أنهم سيعنون بأن يذيعوا هذا عني كأن لهم ثأراً عندي. . . فما رأيك؟)
فقلت لأخفف عنها:(المصيبة واحدة. . . أنا أيضاً رجل تقي ورع أخاف الله وأتقيه ولي زوجة وأولاد؛ وأنا واثق أن ناساً يعرفونني ولا يعرفونك سيروننا فيقول كل منهم في سره أو لصاحبه: شف. . . شف. . . أما إن معه لبنتاً!!! يا ابن الـ. . .)
فضحكت فقالت:(هذا أحسن. . . ليس في وسعنا أن نصلح الكون إذا صح أن به حاجة إلى الإصلاح، ولكن في وسعنا دائماً أن نتلقى ما تجيء به الحياة بابتسامة حلوة كابتسامتك وإن لم يرزق كل إنسان مثل هذا الفم الجميل)